بالأحساء.. الفن رسالة حب
أرض العيون وموطن النخيل، مجتمع المحبة والتسامح، إشراقة التاريخ وقصة الحاضر والمستقبل، حاضنة الإبداع والمبدعين، جفت عيونها، فتفجرت بعد ذلك طاقات أبناءها ومواهبهم أنهارا.
نعم هي الأحساء قبلتي القديمة والهوى الدائم، كما عزفها وأنشدها جمالا ابنها المبدع أكرم المطر، في واحدة من أعذب ما يرق له القلب وتشتاق له الآذان.
الأحساء، ماض وحاضر ومستقبل، عراقة وأصالة تتجدد، حكاية إبداع وتميز فنون، وعشق أصيل لا ينفك أو ينقطع.
نقف اليوم على ضفة نهر من أنهارها الجارية المتدفقة، نهر أصبح الأشهر تميزا ونتاجا، نهر فريد لا يشابهه آخر، هو نهر الفن بفروعه المتعددة رسما وخطا وصورة ومسرح ونحتا وصياغة، فروع عديدة تآلفت واجتمعت من نهر واحد لتثبت أن الفن رسالة حب.
الفن الذي لم يتوقف على أطلال الماضين كعبدالرحمن المريخي وعبد الرحمن الحمد، أو أحمد المغلوث وعبدالحميد البقشي، أو السلسة الطويلة من المؤدين والمطربين كمطلق دخيل وطاهر الأحسائي وغيرهم، ولا حتى على إبداعات العالمي علي المبارك، بل امتد بنا التاريخ لحاضر أرحب وأوسع وأكثر تألقا وإبداعا.
لحاضر الصحيح جاسم والعبدالله حيدر ورفاقهما، والحساوي إبراهيم والغوينم علي والجمعان سامي وأبطال المسرح الشباب المزيعل عبدالرحمن والشهاب شهاب وبقية المبدعين، والبقشي تغريد والشيخ سلمى.
أسماء كثيرة وفنون عديدة والقائمة تطول، فالأحساء ولادة، ومعينها خصب لا ينضب.
واليوم قد أصبحت شمس مواهبنا الأحسائية لا تغيب، حاضرة بكل ميدان، برقي وسمو وعطاء متناهي، متألقة العطاء باذخة الزهاء جميلة الطلعة، حاطت بها الأعين وسالت لأجلها المحابر، فهي القصة والحكاية، وهي التي يجب أن تروى لأنها هادفة ومنها ينبعث الأمل، فعزلتها فسحة من نور، ومكامنها رسالة صدق وانتماء.
فهنا البقشي عبدالعزيز، والمادح علي، والمعيبد يحيى، والسلمان حسين، والحافظ علي وغيرهم الكثير، جالوا وصالوا بعدساتهم ملتقطين أجمل الصور المعبرة عن الأحساء وأهلها وطيبتهم، وأطفالها وبرائتهم، وجمال عجائبها من خضرة مزارع وتكوينات جبل، من عادات أحسائية موسمية، وأحداث لا تتكرر، من بساطة وجمال مبسم، من حضور الكهول بالشوارع ولعب الأطفال، فالصورة رسالة وفن، وهنا صورهم نطقت ولسان حالها يردد ما قاله الصحيح الفريد، أحبُّكِ يا أحساء في كل نظرةٍ، إلى الحقل صلَّتْ بي إمامًا ومؤتمّا، وصدري الذي لو ضمّ كلَّ جميلةٍ، تظلّ جذوعُ النخل أجملَ ما ضمَّا.
وهناك أيضا النحات حسنين الرمل، والخطاط علي العرفج، ونجم الكاريكاتير ميثم السلطان، كل عبر فنه تألق وأبدع وحقق الانتشار والشهرة، مرتبطا بموطن الاحتضان والنشأة أحساءنا الحبيبة ميدان تواجدهم وانطلاقهم الدائم نحو التحليق.
بل أيضا لا ننس الكوكبة الأحسائية من الفنانين بمجموعة كلنا رسامون، الخضيري حسين، والرضي حافظ، والحمود ماهر، والسعد خلود، والمعيان منى، ورفاقهم بالفن الذي ألفتهم المهرجانات بالحضور الدائم، والإبداع المتجدد، حتى باتت مهرجانات المنطقة لا تستغني عن بصمتهم.
نعم هم من رفعوا شعار الفن رسالة حب بمشاركتهم الأخيرة بمهرجان «كلنا منتجون»، لأنهم تحسسوا ذلك فعلا وعايشوا الواقع، وهنا يكون الصمت أبلغ، فهم ومن ذكرت أسمائهم أعلاه سفراء التألق وسادة الفن والذوق، وبهم تكون أحساؤنا أبهى وأشرق، وبفنونهم المتعددة يبصر الأعمى أحساءنا شوقا وفتنة وولعا، هي الأحساء إذا وكفى، وبها ولأجلها كنا وسنكون.
ويبقى الفن بالأحساء رسالة حب وسلام وعشق لا ينتهي.