آخر تحديث: 12 / 12 / 2024م - 1:36 م

أين موقعنا من التعليم في العالم

عباس المعيوف * صحيفة الشرق

في كل يوم يمر علينا تكون الحاجة لتطوير المنظومة التعليمية في بلادي العزيزة أكبر والمسؤولية أكبر والحرص على التطوير مهم. استشراف المستقبل هي رؤية في غاية الأهمية، حيث يتم بناؤه على التفكير المتوازن بالحاجة للماضي والحاضر سوياً، والنظرة المستدامة للبناء التربوي والتعليمي ومن المهم الاستفادة من تجارب الماضي. حسب مجلة «إم بي سي تايمز» نشرت قبل فترة نتائج تقرير المؤسسة الأمريكية غير الربحية «Social Progress Imperitive» لأكثر الدول التي نجحت في تقديم أكبر فرصة لمواطنيها لتلقي العلم في عام 2015. وشمل التقييم عدة معايير منها نسبة المتعلمين من البالغين، ونسبة التسجيل في المرحلتين الابتدائية والثانوية، وعدد السنوات التي تقضيها المرأة في المراحل التعليمية المختلفة، وذلك لقياس قدرة الدولة على إشراك مواطنيها في النظام التعليمي. وتأتي كوريا الجنوبية بالمرتبة الأولى على عرش القائمة، وبلغت موازنة التعليم الحكومي العام الماضي نحو 11.3 مليار دولار، وتقدر نسبة التعليم ب 99.2 % بين الرجال و96.6 % بين النساء، ويذهب أطفال كوريا الجنوبية إلى المدرسة طوال أيام الأسبوع السبعة، وفي المرتبة الثانية اليابان يعتمد نظام التعليم الياباني على الوسائل التكنولوجية مما أكسبها معدلات هائلة فيما يتعلق بالمعرفة وبعد الرؤية، وأكبر دليل على ذلك زيادة الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 5.96 تريليون دولار. 

وفي المرتبة الثالثة سنغافورة ويتميز نظام التعليم الابتدائي في سنغافورة بالكفاءة والمتانة، لتتبوأ المركز الثالث على القائمة، وبطبيعة الحال لكل دولة منظومتها التعليمية وطرقها في التدريس بل هناك مئات الطرق والأساليب. مايهمني هو إيجاد آلية تدفع بعجلة التعليم وتساهم في تغير جذري وملحوظ في عقلية أبنائنا وبناتنا ولا ننكر أن الابتعاث قدم مفهوماً جديداً في التعليم والمعلومة إلا أن الأساس يبدأ من المرحلة الابتدائية إلى الجامعات المحلية.

قبل 100 عام وبالتحديد في بلدة كيارافالي بمقاطعة أنكونا وسط إيطاليا ابتكرت الإيطالية ماريا منستوري طريقتها المبتكرة والغريبة في آن واحد في التعليم باللعب وهي مزيج متوازن بين العقلانية والعملية من خلال البيئة المعدة ويهدف هذا البرنامج إلى الحرية المباشرة للأطفال دون تقيدهم وعدم التدخل في الآلية التي يتخذونها فكل طفل يلعب وفق نسق معين للمعلومة كما وفرت الأدوات التعليمية التي من خلالها يتفاعل الطفل مع المعرفة عن طريق حواسه. ويعتمد على ركائز مهمة في التعلم. قسمت منتسوري العملية التعليمة لبناء الطفل عقلا وجسدا في سن مبكرة تبدأ من ولادته وحتى عمر 24 عبر مراحل 4 هي من الولادة وحتى 6 سنوات ومن 6 إلى 12 ومن 12إلى 18 ومن 18 إلى 24 وفق آلية دقيقة أثبتت نجاحها من جميع النواحي الحديثة في هذا العلم يطول ولكن ما يهمني في هذا المقال بالتحديد هو أن آلية التعليم متحركة مع الزمن وهناك عشرات الطرق التي من شأنها أن تكون بديلة للحالة الموجودة في مدارسنا. فأكثر من70 % من مناهجنا هي تلقين وتتبخر بعد الاختبارات وكأنها عبء على نفوس أولادنا وبناتنا، من المهم أن يكون حيز التعليم العقلي والرياضة الذهنية والبناء المعرفي للمادة قابلاً للتطوير ومواكباً للحركة التعليمية على مستوى العالم. مدراس قليلة على مستوى المملكة تدرس بنكهة منتسوري في الرياض وجدة وأتمنى أن تعمم على الأقل في المراحل الأولية.

ويقول الدكتور عادل غنيم المتخصص في جودة التعليم عن وضع التعليم في العالم لعام 2016 مصنفا حسب الترتيب العالمي فالمرتبة الأولى في العالم حصدتها سنغافورة، ثم سويسرا تليها، وفنلندا في المرتبة الثالثة، وقطر رابعاً، وحلت الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة 18، مسبوقة بالدانمارك ومتبوعة بالسويد، فيما صنفت ألمانيا في المرتبة 20. وجاءت فرنسا في المرتبة 22، واليابان في المرتبة 31 متبوعة بأستراليا، فيما حلت إسبانيا في المرتبة 47، وجاءت تركيا في المرتبة 95. وتعد دولة قطر الأولى عربيا والرابعة عالميا، تليها الإمارات العربية المتحدة في المرتبة العاشرة ولبنان في المرتبة 25، ثم البحرين في المرتبة 33، فالأردن في المرتبة 45 عالميا والمملكة العربية السعودية في المرتبة 54 بين 140 دولة شملها مؤشر الجودة. ويفهم من ذلك تغير أسماء الدول بين عام وعام وكأنها سباق ماراثون للفوز بالأفضل في التعليم على مستوى العالم

وكلنا أمل أن تكون رؤية 2030 هي القفزة النوعية لبناء مؤسسات تعليم عملاقة توازي ما هو موجود وأكثر في شرق آسيا والعالم. بناء الإنسان يبدأ من بناء القاعدة التعليمية من الأساس وفق منظومة تعليمية عالية المستوى تضم خبراء دوليين في السلك النفسي والتربوي والعلمي، وأن النهوض بجودة التعليم في المملكة كما يرى غنيم يبدأ بتأهيل المدرسين تأهيلا عالي الجودة وتقديم مناهج تنمي مهارات التفكير وملبية لسوق العمل وتشجيع المشاركة النشطة للطلاب في الاستفادة من الإمكانات المتاحة وتوفير تجهيزات تعليمية من المباني والأجهزة الكافية. نماذج الحضارة الإسلامية كفيلة بتطوير مناهجنا كل ما في الأمر السعي نحو ذلك.