دين الإله
ما أتعسنا يا إلهي حين نكون غافلين عن دينك، يسهل أن نستحمر، وأن يفرغ دينك من محتواه، وأن نقاد كما تقاد النعاج.
إذا كان للدين نصٌ فإن للنص تأويل، وإذا كان للتأويل دليلٌ فإننا قادرون على صناعة ألف دليلٍ ودليل، فالانتقائية خير دليل على دليل الأهواء، وإذا حظرنا على الناس التفكير وجيشنا جيوش العاطفة، سهل اختطاف النص وتأويله وصناعة الدليل واختطاف العقول واستحمار البشر.
وإذا كان في العالم صراعات شرسة وحروب مصالح تسال فيها أنهار الدماء، فإن النص المقدس في حرب الدماء سيغدو رخيصاً عند الكثير من تجار مصالح الدنيا، وهنا فالغبي من يأمن على دينه في عالم تسلم فيه عقلك وتهز فيه رأسك، ولا يسمح لك فيه بالتفكير الناقد.
إنها صناعة المغفلين يا سادة أن يكون التدين محوره التهديد بالنار والترغيب بالحور العين والقصور والخمور والأنهار والشهوات فقط وفقط بعيداً عن العقل، على أيدي متخصصين يوكل لهم الأمر للجهل أو التجهيل، وجمهور ينزع منهم حق المساءلة والتفكير.
وهنا يمكننا أن ننفذ لأعماق مقولة الإمام علي : «إلهى ماعبدتك خوفا من نارك ولا طمعا فى جنتك لكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك»، والتي تصنع العابد الحقيقي المتحرر من الرغبة والرهبة، وهي درجة الكمال، التي تضع الإنسان أمام عبادة الكامل، حيث يعبد الإله لأنه أهل للعبادة.
هنا يصعب اختراق العقيدة وحرف الدين وتزييف النص، لأن الإنسان بطبيعته وبديهته وببساطة روحه وعقله يعرف الكمال بعيداً عن تزييفات النص، وبمقدوره أن يكتشف أن القتل والعنف والجهل والسطحية ليست هي دين الرب الكامل، بل هي دين الغنم الرعاع الذين يتبعون اتباعاً أعمى بعيداً عن البصيرة المتدينون المتطرفون والمتدينون الدراويش الذين خربوا المسيرة وأضاعوا الدين ووظفهم من وظفهم لمصالحه.