ثقافة التشجيع
التشجيع احد العوامل الرئيسيّة، في تجاوز العثرات والعراقيل، التي تعترض الطريق، فالعامل النفسي، يمثل عنصرا هاما في تفجير الطاقات، وتناسي الإخفاقات، بخلاف التقريع الذي يحط من الهمة، ويقتل الإرادة، لذا فان البيئة الاجتماعية، التي تتحرك في داخلها ثقافة التشجي، ع تستطيع النهوض مجددا، والوقوف شامخة دون الالتفات للخلف، باعتبار ان الماضي للعبرة، وليس لتحطيم الإرادة الحية.
ثقافة التشجيع، مرتبطة بكيفية التعاطي، مع القضايا والمشاكل القائمة، في المجتمع، فكلما كانت الحالة الإيجابية طاغية، كلما شاعت ثقافة التحفيز، وعدم الاستسلام للواقع المعاش، فالإنسان بما يملك من قدرة، وإمكانيات كبرى، يتمكن من خلق الظروف المناسبة، للتغلب على المصاعب الحياتية، وإيجاد الحلول للمشاكل اليومية، فضلا عن تحويل النظرة السلبية، الى تصور إيجابي.
إشاعة ثقافة التشجيع، تتطلب أرضية مناسبة للنمو، والتجذر في المجتمع، فالعملية بحاجة الى ممارسة، وقدرة على خلق الظروف المواتية، خصوصا وان التشجيع من الممارسات السلوكية، والأخلاقية، التي تبرز في البيئة الاجتماعية القادرة، على تحويل الفشل الى نجاح، فهناك مجتمعات قادرة على توليد الكفاءات باستمرار، مما يجعلها محط إعجاب، كافة المجتمعات البشرية، فيما تتبارى مجتمعات إنسانية أخرى، في قتل الكفاءات، ومحاولة دفنها في الحياة.
المجتمع كما الفرد الواحد، بحاجة مستمرة لتحريكه، بالاتجاه الإيجابي، خصوصا وان عملية البناء، لا تتوقف عند مرحلة زمنية معينة، وبالتالي، فان القدرة على العطاء، وتحقيق الإنجازات، يتطلب توفير الارضيّة المناسبة، بمعنى اخر، فان احداث ثورة في مختلف المجالات، لا يتوقف على تعبيد الطريق، عبر توفير المتطلبات المادية، وإنما يحتاج الى البناء النفسي، باعتباره احد العوامل المساعدة، لرفد المجتمع بالطاقة اللازم، ة لتجاوز مجموعة الإحباطات المادية، والمعنوية على السواء.
لاريب ان التشجيع، يخلق أرضية مثالية، لتفجير الطاقات الكامنة داخل الفرد، والمجتمع، فالمرء بما يملك من قدرات هائلة، يستطيع تطويع الظروف الصعبة، لخدمة أهدافه الخاصة، حيث تتحكم النظرة، والحالة النفسية، في آلية التعامل، والقدرة على الاستيعاب، بيد ان الظروف الاجتماعية المحيطة، تشكل احد العناصر في تجاوز المحن، لتحويلها الى وقود للنهوض، ونفض غبار الاستسلام، ”وتحسب انك جِرمٌ صغير.. وفيك انطوى العالم الأكبر“ كما يقول الامام علي .
القرآن الكريم د يتحدث عن ثقافة التشجيع، بقوله ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ «65» الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾، فالآيات القرانية، تتناول مواقف تتطلب الصبر، والثبات في المعركة، مما يستدعي تحضير النفوس للمواجهة العسكرية، عبر تقديم المغريات، والتقليل من قوة الطرف الاخر، من اجل الدخول في المعركة الحربية، بروح وثابة وإرادة صلبة، خصوصا وان الحالة النفسية، تلعب دورا في حسم المعارك الحربية، مما يتطلب من زيادة الشحنة النفسية.