هل أصبح دور الإذاعة المدرسية هامشياً؟
لا أريد أن أقول إن دور الإذاعة المدرسية أصبح هامشياً، ولكن يبدو لي أن القيمة الثقافة والعلمية المقدمة الآن في الطابور الصباحي من الجرم مقارنتها بالأمس، لا من ناحية الإعداد والمضمون والفائدة أوالوقت المتاح للبرنامج، فقد أصبحت الإذاعة أشبه بالوجبة السريعة التي لا قيمة لها إلا سد الجوع، هكذا أراها تماماً، وبالتالي فمن المهم إعادة الأوراق من جديد والضغط من وزارة التعليم على المدارس كلاً على حدة وفق نسق معين من البرامج المعدة. أتذكر عام 1408 وأنا في المرحلة الابتدائية وبالتحديد في مدرسة الملك فيصل - رحمه الله - بالهفوف كان يشرف على الإذاعة المعلم الفلسطيني محمد محيي الدين، الجميل في الإذاعة التنوع، فبعد انتهاء صوت الذهب الخالص القارئ عبدالباسط عبدالصمد - رحمه الله - يبدأ البرنامج بالأدب، ثم الثقافة، ثم الرياضة، ثم نصيحة وموعظة، وارتجال وفكر، وفي الأخير إعلانات المدرسة والتعاميم. أضف إلى ذلك المسابقة السنوية لأفضل برنامج إذاعي بين الفصول وكيف التنافس والتقاتل من أجل تقديم الأفضل. واكتشاف المواهب والقدرات الفنية والرياضية والعقلية. ولا أدري لماذا مدة الإذاعة ربع ساعة فقط مشحونة وبسرعة: القرآن الكريم - الحديث النبوي الشريف، الأخبار المدرسية، وأخبار البيئة المحيطة بالمدرسة، والأخبار المحلية والعالمية والتعليق، المقال الإذاعي المرتبط بالمعلومات المنهجية والبيئية، فقرات إذاعية أخرى خفيفة «هل تعلم - صدق أو لا تصدق - قل ولا تقل»، أعتقد أن نسبة تحصيل الطالب قليلة؛ فهو في لحظة وقوف أو عدم تركيز. بل الأعظم من ذلك حضور المعلمين في الساحة لا يأتي إلا قبل انتهاء البرنامج بدقائق.
تكمن أهمية الإذاعة في المساهمة في بناء شخصية الطالب وكسر شعور الخجل بين الطلاب والمعلمين من خلال خشبة المشاركة أمام مئات الطلاب والمعلمين في ساحة الحرم المدرسي، ولهذا فمن المهم أن تحسن الإدارة المدرسية في التوفيق في تقديم البرامج التي تحفز وتؤثر في أخلاقيات الطالب وإبداعاته ضمن السياسة العامة التربوية والمناسبات الوطنية والدينية والأحداث المهمة التي تشغل بال التربويين والعاملين في المجال التربوي. وأن تكون منصفة في المشاركة مع الجميع دون تمييز وتصنيف. وألا يكون مجرد روتين يومي ممل، وهذا ما نراه في مثل هذه الأيام من سد فراغ لا أكثر. يصف الدكتور وجيه أبو البن الإذاعة المدرسية وصفاً رائعاً، فيقول: تستطيع الإذاعة المدرسية أن تلعب دورا مهما في العملية التعليمية داخل المدرسة عن طريق تناول المنهج الدراسي. والإذاعة المدرسية لا تستخدم كوسيلة تعليمية وكأداة من أدوات تكنولوجيا التعليم فقط بل نستخدمها كمنظومة تربوية تعليمية كاملة، وكنظام تدريسي يعتمد على منجزات العلم ومستحدثات التكنولوجيا وآلياتها التي تستخدم لتطوير أساليب ومحتوى المادة نفسها، فهناك خطة، وهناك أهداف ووسيلة تعليمية توضع في خدمة العملية التربوية كلها التي تهدف أساسا إلى إعداد التلميذ أو الطالب لمواجهة مشكلات الحياة والتكيف مع المجتمع، ونحن إذا قلنا بأهمية إعداد بعض مواد المناهج الدراسية إذاعيا؛ لكي تذاع على التلاميذ والتلميذات في المدارس على أساس الفهم الصحيح لتكنولوجيا التعليم كنظام تدريسي متكامل، فنحن لا ننكر كون الإذاعة وسيلة تعليمية ربما لا يتعارض مع المفهوم السابق، بل هي تساعد على تحقيق ذلك المفهوم؛ فاستيعاب التلميذ للمنهج الدراسي سيكون أفضل، فإن ما يتم تحصيله من معلومات عن طريق الوسائل التعليمية يميل إلى البقاء في الذاكرة وقتا أطول. من المهم أن تكون المادة منتقاة بعناية واهتمام مع رعاية القفزة النوعية في المجالات الحياتية. مما يكون له على المدى البعيد على آثاره وانعكاساته على الطالب وطريقة تفكيره، الوطن بحاجة إلى وقفة جادة في تعزيز مفهوم الوطن والانتماء لهذه الأرض، بداية من الاعتزاز بالنشيد الوطني، وانتهاء بممارسة حية وواقعية تكون منهجاً لأبنائنا وبناتنا في السلك التعليمي.
ترى الأستاذة سعاد محمد الأحمدي شروطاً في نجاح الإذاعة المدرسية منها:
- عدم تكرار مواضيع الإذاعة المدرسية.
- شمولية المواضيع من حيث البرامج الدينية والتربوية والوقائية وغيرها.
- مناسبتها للأحداث السنوية.
- مناسبة المواضيع لجميع المراحل الدراسية.
- ربط المواضيع الدينية خاصة ببعضها بعضاً.
- استخلاص معظم كلماتها من المناهج الدراسية.
- توفير الوقت والجهد للمعلم والطالب.
- مشاركة ما يقارب سبعة أفراد في الإذاعة المدرسية الصباحية.
تطوير الإذاعة المدرسية مسؤولية الجميع من وزارة التعليم إلى الإدارة المدرسية إلى شريحة الطلاب المبدعين الذين لهم حس إعلامي مميز.. فالإذاعة المدرسية بمنزلة جهاز الإعلام الأول للمدرسة. كثير من الشعراء والكتاب والمثقفين وصانعي القرار كانت بداية نواة إبداعاتهم من المشاركة في برامج الإذاعة المدرسية، وكم وكم مقدم برنامج تليفزيون ومتحدث رسمي في وزارة ما كان يوماً من الأيام من المقدمين في الطابور الصباحي.