ملة إبراهيم - الحلقة الرابعة - أين نجد ملة إبراهيم؟
يأمرنا القرآن الكريم باتباع ملة إبراهيم ، ولكن أين نجد هذه الملة؟ ملة إبراهيم موجودة في الكتب السماوية في القرآن الكريم وفي التوراة، تقول الآية الشريفة «161» من سورة الأنعام ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ﴾ أي أن الله سبحانه وتعالى هدى الناس جميعاً وأوصل لهم ملة إبراهيم الخليل بإنزال القرآن الكريم. وقد جاءت هذه الآية في أعقاب الحديث عن الوصايا العشر التي تمثل القيم الأساسية للملة في الآيات «151» إلى «153» من نفس سورة الأنعام الشريفة.
ملة إبراهيم تشتمل على العقائد الحقة والشرائع الربانية التي شرعها للناس، ونجد في سورة آل عمران في الآيات من «93» إلى «95» في معرض حديثها عن ما حرمه بني إسرائيل على أنفسهم ولم يحرمه الله سبحانه وتعالى، نجد ذكر ملة إبراهيم:
﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ «*» فَمَنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ «*» قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ﴾.
الآيات تأمر النبي محمد ﷺ أن يوجه الخطاب إلى اليهود في موضوع حرمة الطعام ليأتوا بالتوراة ويتلوها ليتم الاستشهاد من التوراة على صدق دعواهم في حرمة ما يدّعون حرمته من الطعام، فما تقوله التوراة هو الصدق، وخلاف ذلك هو الكذب كما تقول الآية التالية لها ﴿فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون﴾. ثم تأمره الآية بأن يقول لهم ”صدق الله“ فيما أوحاه إليه في تحديد الحرمة من الطعام، ثم يقول لهم ﴿اتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين﴾ فاتباع التوراة هو اتباع لملة إبراهيم، وابتداع محرمات لم يذكرها الله سبحانه وتعالى هو خروج عن الملة.
من هذا نفهم أنهم يدّعون اتباع ملة إبراهيم هذا أولاً، ثانياً إن اتباع الكتاب السماوي المنزل من عند الله هو الاتباع الحقيقي لملة إبراهيم. فإذا كنا نسأل: أين هي ملة إبراهيم؟ فالإجابة هي: أن ملة إبراهيم محفوظة في الكتاب السماوي، وأن تعاليم الكتاب السماوي هي نفسها تعاليم ملة إبراهيم الخليل. ومن أجل أن نتبع الملة علينا أن نعود للكتاب برشد وليس بسفه، أي أن نكون قادرين على تمييز الصواب من الخطأ بأنفسنا.