آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 6:12 م

معالي السادة!

ليلى الزاهر *

كنت أتجاذب أطراف الحديث مع طفل صغير في حوار قصصي جميل وأثناء سردي للأحداث أنهيتها بأن البطل أراد أن يقفز من السفينة لأنه لن يستطع رؤية سفينته تغرق فقال لي: لماذا نلقي بأنفسنا في الماء قبل أن تغرق السفينة فربما جاء طائر عملاق لينقذنا من الغرق أو ربما تهدأ العاصفة وتقف الأمواج الثائرة وتبحرالسفينة بسلام لترسو عند المرافئ. هذا الطفل ذو الآمال العريضة يدرس الآن هندسة طبية في إحدى الجامعات الأمريكية.

آماله نسجت له أحلاما سعيدة وطموحه هيأ له مستقبلا مشرقا بإذن الله تعالى.

لكن هناك الكثير من الآمال انهزمت في الجانب المظلم من حياة أصحابها،

سوف أنثر لكم أحداث حكاية تعود لسنوات مضت عندما رفضت إحدى الطالبات المتفوقات أن تواصل دراستها بعد تخرجها من المرحلة المتوسطة بحجة أنها ستُهزم في مواجهة مواد الصف الأول الثانوي المتكدسة كما سمعتْ فخافت من خوض التجربة حتى وإن امتلكت كل مقومات النجاح. فرحلت الآمال والأحلام معا دون عودة.

إن من صورالمغالطة المبعثرة في أروقة الحياة الصور المغلفة بإطار بطولي بائس يُقحم نفسه ببطء ويتسلل نحو النفوس الضعيفة قد أذن بانتحار الأمل وشارف صاحبه على الوقوع في هوّة العجز.

ولكن هذه الصور البائسة لاتقف في دروب معالي السادة ولا أصحاب الآمال المترقبة، ممن ربّوا أنفسهم على استقبال الداء العُضال ومواجهة الصعاب ببسالة لأنهم يؤمنون بواقع الأمل والعمل معًا

والسؤال المطروح هنا من المسؤول عن قتل الآمال في مهدها؟!!

فهناك من يعشق الأمل فلا يفارقه بل يعيش بجانبه حتى وإن عاش في بيئة محبطة ونشأ في أحضان أم أو أب يُحبطان كل جهود أولادهما ويعمدان إلى الهدم لا البناء، يطمحان إلى هل من مزيد؟ قد تجاهلا تعب أولادهما، وغرّدا في صفوف الجشعين وكأنهما يتعاملان مع مشاعر محنّطة لاتدرك للحياة معنى، همهما الأول التحصيل العلمي ذو التخصص المرموق كالطب والهندسة دون الالتفات للتخصصّات الأخرى والتي ممكن أن تدرّ أرباحا طائلة على أصحابها وبجهد أيضا أقل من الطبوالهندسة.

وكلما كبر الأمل ظهر قاتل جديد يتبنى المهمة بجسارة، يدسُّ اليأس مع الحياة الجميلة، إننا نواجه في حياتنا أصنافا من الناس نحُّوا عن مراكز الريادة لأنهم لايمتلكون غبار واسطة تكيل بمكيالين وربما لايعرفون للرشوة ولا لأصحابها طريق، فما كان لهم إلا أن بقوا بعيدا عن دائرة الضوء

وتظل حقيقة لا يحجبها ضوء الشمس وهي أن من يمتلك صوتا مدويّا لابد أن يصل صداه لمن يُرِيد وإن لم يصل بوضوح وتغشته الضبابية النكراء، ولابد في يوم ما أن يظهر المردود الفعلي لما يقوم به ويزهر الكون بإنجازاته العديدة، وتدور رحى النجاح لتقف عنده.