آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 4:07 م

ثقافة الحياة

محمد أحمد التاروتي *

ميدان الحياة مدرسة عملية، لصقل العقول، وتزويد المرء بالمعرفة، للتعاطي مع المشاكل، على اختلافها، فالثقافة الانسانية، مجموعة ممارسات تراكمية، ساهمت في خلق حالة اجتماعية، ضمن قواعد ثابتة، واحرى متحركة، حيث يلعب التطور المعرفي، ونمو التجربة الحياتية، دورا حيويا في تكريس، بعض المفاهيم البشرية، وازالة مفردات من البيئة الاجتماعية، ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا، بمعنى اخر، فان تشكيل العقل البشري، مرتبط بعوامل عديدة، ولكنها في تدخل ضمن دائرة ”الاكتساب“، لدى غالبية بنى الانسان، ”في التجارب علم مستحدث“ و«الأمور بالتجربة» و«الأيّامُ تفيد التجارب»، فيما تنحصر المعرفة غير المكتسبة، في مجموعة من البشر، ”الانبياء - الرسل - الاوصياء“.

التجربة تمثل ابرز مصاديق، الثقافة الحياتية، فالمرء يكتسب المعرفة، عبر الاحتكاك المباشر، بمصاعب الحياة، الامر الذي يدفعه للبحث عن الحلول، لتجاوز تلك العراقيل والمحن، حيث تمثل شبكة التعقيدات، لمختلف التجمعات البشرية، عنصرا اساسيا، في ايجاد الارضية المناسبة، لوضع الامور، في نصابها الحقيقي، فالمعرفة الحياتية، ليست مقتصرة على العناصر، ذات العلاقة بمعيشة المرء، والقدرة على الصمود، في وجه تقلبات الزمن، بل تشمل كذلك العديد من المجالات الاخرى، سواء الاقتصادية او الاجتماعية او غيرها ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

الحياة حقل تجارب، لانارة العقول البشرية، بالمعرفة اللازمة للتعاطي، بوعي مع المطبات، على اختلافها، فالمرء الذي يفتقر، لابسط قواعد الثقافة الحياتية، يفشل في السباحة ببحر المشاكل الاجتماعية، فيما يمتلك اصحاب التجربة، الادوات اللازمة، للوصول الى شاطئ الامان، بعد تجاوز الافخاخ المنصوبة، في الطريق، «رأيُ الرجل على قَدْر تجربته» و«العقل غريزةٌ تَزيد بالعلم والتجارب».

عملية اكتساب المعرفة، تتطلب مواجهة الحياة، بصبر وجلد، وقدرة على الاستفادة، من التجارب، فالمرء غير القادر، على تحويل المحنة، الى معرفة سيقع في المشاكل نفسها، «التجاربُ عِلمٌ مستفاد» و«التجربة تُثمِر الاعتبار» و«ثمرة التجربة حُسنُ الاختيار»، بمعنى اخر، فان الفشل يحدث ارتدادات متباينة، لدى الشرائح الاجتماعية، فالبعض يستفيد منها للانطلاق، بقوة لتحقيق النجاحات الحياتية، واستخدام المحطة الفاشلة، كمعبر للعبور للضفة الاخرى، «في كلّ تجربةٍ موعظة»، و«العِلمُ لِقاحُ المعرفة، وطول التجارب زيادةٌ في العقل"، بينما يمثل الفشل صفعة قوية، يصعب تحملها، لدى بعض الشرائح الاجتماعية، وبالتالي فان القدرة الاستيعابية، لدى الفرد تشكل الاساس، في تقبل الفشل من عدمه، فالعقول الضيقة غير قادرة، على تحويل الفشل الى نجاح، بخلاف العقول الكبيرة، ذات القدرة على الامتصاص، كمرحلة ضرورية، قبل الانطلاق، بقوة لتجاوز المحطة الصعبة، باتجاه المستقبل بروح ايجابية، «كلُّ مَعُونةٍ تحتاج إلى التجارب» و«مَن أحكَمَ التجارب سَلِم من المخاطب، مَن غَنِيَ عن التجارب عَمِيَ عن العواقب».

كاتب صحفي