آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 6:12 م

الفصل الجماعي والتصحيح

سراج علي أبو السعود * صحيفة الشرق

تباينت كثيراً الآراء حول القرار الذي أصدره وزير العمل بشأن إيقاف الفصل الجماعي للسعوديين، الذي تم تعريفه بفصل 1% من إجمالي موظفي الشركة أو 10 سعوديين أيهما أكثر خلال العام الواحد، سواء دفعة واحدة أو بشكل متقطع، فبينما رأت شريحة أن هذا القرار في غاية الأهمية في هذا التو الذي تسابقت فيه مجموعة من الشركات على فصل السعوديين، رأت أخرى أن لا وجه منطقياً لإيقاف الفصل الجماعي والسماح بالفصل الفردي غير المتجاوز لعشرة موظفين في السنة، السبب في رأي هذه الشريحة أن الفصل غير المشروع ينبغي أن يتوقف بغض النظر أكان على موظف سعودي واحد أو عشرة، فليس من المنطقي لقانون الأصل في وجوده هو حماية الأطراف المختلفة أن لا يستطيع أن يكفل هذا الحق لهم أو لبعضهم، وكيفما كان فإن بادرة كهذه من شأنها إيقاف شيء من النزيف المستمر في فصل السعوديين وردع الشركات المتلاعبة.

من الأمور الجيدة التي تضمنها القرار ما نصت عليه المادة الثالثة، الفقرة ج، والمتعلقة بما ينبغي للشركة التي تفصل السعوديين توفيره لمكتب العمل؛ ليقوم بدراسة القضية وتقييم مدى صحة القرار، تنص هذه الفقرة على: «بيان بعدد وأسماء العاملين غير السعوديين في المنشأة المساوين في درجتهم الوظيفية للعاملين المفصولين، ووصف للوظائف التي يشغلونها»، هذه النقطة كما أرى من أهم وأذكى النقاط التي تضمنها القرار، فلطالما تم فصل سعوديين مع وجود أجانب يعملون في وظائف يستطيع المواطنون القيام بها، هذا يعني أن هذا الجانب المظلم المأساوي في طريقه للزوال، بشرط أن تستطيع مكاتب العمل بالفعل تطبيقه كما يجب، وإنني شخصياً أجد أن هذه النقطة تحديدا قادرة على إيقاف أي عملية فصل غير مشروع بحق السعودي إذا ما طالب أي محقق في مكتب العمل الشركة التي قامت بعملية الفصل بقائمة بأسماء الأجانب ومهنهم وما يثبت عدم قدرة المواطن على أداء وظائفهم، ذلك أن السعودي كغيره من البشر قادر على أداء معظم الوظائف شريطة منحه التدريب والتعليم اللازم عليها، ولكن وبسبب وجود ما يصح تسميته أحياناً بالشللية والعلاقات التي تربط نسبة من غير السعوديين ببعضهم فإن السعودي هو من يكون الضحية لذلك.

حينما تنص المادة الثالثة من نظام العمل على أن العمل حق للمواطن، وحينما تنص المادة السادسة والعشرين على أنه: «على جميع المنشآت في مختلف أنشطتها، وأياً كان عدد العاملين فيها، العمل على استقطاب السعوديين وتوظيفهم، وتوفير وسائل استمرارهم في العمل، وإتاحة الفرصة المناسبة لهم لإثبات صلاحيتهم للعمل، عن طريق توجيههم وتدريبهم وتأهيلهم للأعمال الموكولة إليهم»، فإن القانون يقدم دلالة واضحة على أن وجود الأجنبي كموظف مرهون بعدم وجود سعودي طالب عمل، القرار الوزاري أكد على هذه النقطة، ودعا كافة مكاتب العمل إلى دراسة الوظائف الموجودة في المنشآت التي يشغلها أجانب، ومدى قدرة السعوديين المفصولين على أدائها بحيث تصبح أولوية الاستمرار في الشركة هي للسعودي، هذا القرار هو بلا شك قرار مهم، ولكنه كما أرى يحتاج كذلك لزيادة نسبة السعودة المفروضة على الشركات لقيم تستطيع توفير فرص وظيفية للمواطنين الذين تضرروا كثيراً من عمليات الفصل التعسفي الأخيرة، التي كان أحد أهم أسبابها وجود الثغرات القانونية في النظام.