ثقافة الحقوق
اشعلت قرارات الرئيس الامريكي ترمب، المتعلقة بمنع دخول مواطني سبع دول اسلامية، غالبية الولايات الامريكية، حيث خرجت مظاهرات، في الشوارع احتجاجا، على تلك القرارات، فضلا عن التجمهر في المطارات، للتعبير عن رفض هذه الممارسات العنصرية، والتي تتناقض مع المبادئ التي تعتمدها امريكا، وتخالف الثقافة لدى الشعب الامريكي، القائمة على عدم التمييز، بين البشر على اساس ديني او عرقي.
ردة فعل تجاه قرارات الرئيس ”ترمب“، تكشف اصرار الشعب الامريكي، على التمسك بالحقوق، وعدم اتاحة الفرصة، للسلطة السياسية لمصادرة المبادئ، التي يؤمن بها، الامر الذي دفعه للضغط على ادارة البيت الابيض، لاجبارها على التراجع، انطلاقا من الثقافة التي يمتلكها، والقائمة على قبول الاخر، وعدم المساس بمستوى الحريات، التي يتمتع بها، الامر الذي تمثل في رفض جزء، من الطبقة السياسية تنفيذ تلك القرارات، وكذلك الامر بالنسبة للسلطة القضائية، التي اعتبرت تلك القرارات غير قانونية، مما يستدعي عدم الامتثال لها.
ينطلق الشعب الامريكي، في معارضته لقرارات ”ترمب“، من سلطة القانون، التي تعتبر الفصيل، في تحديد جميع المسارات، وتحول دون تجاوز السلطة السياسية، للسقف المنصوص عليه، وبالتالي فان المظاهرات الكبيرة، التي شهدتها العديد من الولايات الامريكية، ليست خروجا على السلطة السياسية، بقدر ما تمثل تمسكا بالحقوق المكتسبة، التي يكفلها القانون الامريكي، فالجميع يعمل ضمن سقف القانون، وبالتالي فان السلطة القضائية، ستقول كلمتها في النهاية، باعتبارها صاحبة الكلمة الاخيرة، في نهاية المطاق.
الشعب الامريكي وجد، في قرارات الرئيس ”ترمب“، تحولا خطيرا، يهدد الحقوق المدنية، التي يتمتع بها الفرد، في الولايات المتحدة، فضلا عن كونها تتعامل بالية، لم يألفها على الاطلاق، فالمخاوف من العمليات الارهابية، لا تخول الرئيس لوضع قواعد، للتمييز الديني او العرقي، خصوصا وان الدول المشمول بقرارات حظر دخول الولايات المتحدة، يربطها قاسم مشترك، وهو ”الاسلام“، مما يوحي باتجاهات جديدة، لادارة البيت الابيض، ستنعكس على مبدأ التعايش، القائم في الولايات المتحدة، التي تضم مختلف الاعراق، والعديد الديانات والمعتقدات.
اعطى الشعب الامريكي، للعالم دورسا عديدة، في القدرة على الحفاظ على الحقوق، والتمسك بالمكتسبات، التي يحظى بها، فالمظاهرات الكبيرة جاءت، لتفويت الفرصة على ادارة البيت الابيض، في تخريب الثقافة القائمة، على التسامح الديني والعرقي، وبالتالي فان الجميع، يحاول وضع خطوط حمراء، امام الادارة الجديدة، والحيلولة دون المساس بالمبادئ الراسخة، في المجتمع الامريكي، فالسكوت يمثل موافقة لتلك القرارات، التي تتناقض مع حرية المعتقدات، لدى الجميع، فضلا عن استخدام الدين، لاغراض سياسية.
العقلية الجديدة التي اظهرها ”ترمب“، احدثت صدمة كبرى للشعب الامريكي، والعالم بأسره، فالمبررات التي ساقها، لاصدار قرار ضد مواطني سبع دول اسلامية، وعربية، ليست مقنعة للفرد الامريكي، فضلا عن شعوب تلك الدول، وبالتالي فان الصدمة الكبرى، ساهمت في ردود افعال ضخمة، الامر الذي يعطي انطباعات سلبية، بشأن السنوات القادمة للادارة الامريكية الجديدة، مما يشجع المواطن الامريكي، على مواصلة الرفض للحفاظ، على المكتسبات، والحقوق، والمبادئ، التي تربى عليها، خلال العقود الماضية.