عندما ردت الشمس ليوشع بن نُون
دراسات في التوراة «2»
بعد أن مات موسى بن عمران ، قال الله ليوشع بن نُون مساعد موسى، ”قم اعبر نهر الأردن هذا، أنت وكل هذا الشعب،،، الأرض أعطِها لبني إسرائيل،،، كل مكان تدوسه أقدامكم أعطيه لكم،، تكون حدودكم من الصحراء جنوبا إلى لبنان شمالا، ومن نهر الفرات شرقا إلى البحر الأبيض المتوسط غرباً. وكما كنت مع موسى أكون معك، لأنك أنت تقود هذا الشعب ليملك الأرض التي حلفت لآبائهم أن أعطيها لهم“. فأمر يوشع قادة الشعب ”جهزوا لكم طعاما لأنكم بعد ثلاثة أيام تعبرون نهر الأردن من هنا، لكي تدخلوا وتستولوا على الأرض التي يعطيها لكم المولى إلهكم امتلكوها“. فقالوا ليوشع: ”نفعل كل ما تأمرنا به، كما كنّا نطيع موسى في كل شيء نطيعك أنت“. قال يوشع: ”إن الله الحي في وسطكم وإنه يطرد من أمامكم الكنعانيين والحثيين والحويين والفرزيين والحرجاشيين والأموريين واليبوسيين“.
قال الله ليوشع: ”من اليوم أعظمك في عيون كل بني إسرائيل“. فقال يوشع لبني إسرائيل: ”اختاروا من الشعب اثني عشر رجلا“، أي رجلا واحد من كل قبلة «الأسباط الاثني عشر من ولد يعقوب» من قبائل بني إسرائيل. وكما فعل الرب بالبحر الأحمر الذي جففه لموسى، فعل ليوشع فجفف نهر الأردن، فعبر كل رجل فوق العشرين سنة بسلاحه، وكانوا حوالي أربعين ألف مسلحون كلهم للقتال. وهؤلاء هم غير الذين خرجوا من مصر، فقد ماتوا في الطريق في صحراء التيه التي قضوا فيها أربعين سنة لأنهم لم يطيعوا الله. ولما عبر يوشع والأحبار الذين يحملون صندوق العهد وبنو رأويين وقادة القبائل وجميع المسلحين، قال الله ليوشع: ”انظر، إني أعطيتك في يدك أريحا وملكها وأبطالها“. فقام يوشع، وفي اليوم السابع سقط سُوَر المدينة، ودخل كل واحد إليها مباشرة واستولوا على المدينة وقتلوا بالسيف كل من في المدينة، الرجال والنساء والأطفال والشيوخ، حتى البقر والغنم والحمير. وأحرقوا المدينة وكل ما فيها بالنار.
بعدها قال الله ليوشع: ”اذهب وحارب عاي. فتفعل بعاي وملكها ما فعلت بأريحا وملكها“. فاختار يوشع ثلاثين ألف رجل. فقال الله ليوشع: "وجه الحربة التي بيدك نحو عاي لأني أنصرك عليها. ولما فعل ذلك دخلوا المدينة واستولوا عليها وأسرعوا وأشعلوا النار فيها. ولما انتهى الإسرائيليون من قتل كل رجال عاي الذين كانوا في الحقول وفِي الصحراء حيث لحقوهم، رجعوا إلى عاي وقتلوا كل من فيها بالسيف. فكان عدد القتلى في ذلك اليوم من رجال ونساء اثني عشر ألفا، وعُلق يوشع ملك عاي على خشبة إلى المساء وعند غروب الشمس أمر يوشع فأنزلوا جثته ورموها عند مدخل المدينة.
سمع الملوك الأموريين في الجوار بما فعل يوشع بأريحا وما فعل بعاي، فاجتمع خمسة من الملوك هم الملك أدوني صادق ملك القدس، وهوهام ملك حبرون وفرآم ملك يرموت ويافع ملك لخيش ودبير ملك عجلون، فجمعوا قوتهم وتقدموا بكل جيوشهم إلى الجبل، فقال الله ليوشع لا تخف إني ناصرك عليهم. فسار إليهم يوشع ليلا وفاجأهم بالهجوم، فانهزموا، فطاردوهم طوال اليوم. عندها كلّم يوشع الله على مشهد من بني إسرائيل، موجهاً خطابه للشمس: ”يا شمس قفي فوق جبعون، يا قمر اثبت فوق وادي أيلون“. فوقفت الشمس وثبت القمر حتى انتقم شعب إسرائيل من أعدائه، حيث وقفت الشمس في وسط السماء وتأخرت عن الغروب يوما كاملا، قام فيه يوشع بالقبض على الملوك الخمسة وطلب من الشعب أن يضربوهم، ثم قتلهم وعلقهم على خمسة أشجار. وفِي نفس هذا اليوم استولى يوشع على مقيدة وقتل شعبها وملكها بالسيف، وأهلك كل من فيها ولم يبق أحد، ثم ذهب إلى لبنة فقتل شعبها وكل من فيها ولم يبق فيها أحد، ثم ذهب الى لخيش فقتل كل من فيها.
وفي اليوم التالي ذهب يوشع إلى عجلون واستولى عليها وقتل شعبها وأهلك كل من فيها. كذلك فعل بحبرون وبدبير، فأخضع يوشع المنطقة كلها بما فيها الجبل والنقب والسهل والسفوح فقتل كل ملوكهم ولم يبقِ أحدا من أهلها من قادش إلى غزة، ومن جوشن إلى جبعون،
أما هزيمة ملوك الشمال والفلسطيين والجشوريين من نهر شيحور الذي في شرق مصر إلى عفرون شمالا، وهي تعتبر للكنعانيين وفيها حكام الفلسطيين الخمسة «غزة وأشدود وعسقلان وجت وعقرون» ومن الجنوب عارة التي للصيدونيين إلى أفيق على حدود الأموريين وكذلك أرض العويين وأرض الجبليين وكل لبنان شرقا إلى حماة الى مسرفوت مايم، فقد قام الله بطردهم بعد موت يوشع!.
«انتهى التلخيص من سفر يوشع»
- - - - - - - -
هذه قراءة مختصرة في سفر كتاب يوشع من كتاب العهد القديم «التوراة»، مترجم إلى العربية عن دار الكتاب الشريف ببيروت/ سنة 2007، مع ملاحظات لنا على التزوير الواضح الذي مارسه كتاب التوراة سوف نوردها هنا. ويلزم التنويه أن مقالنا هذا بين مقال ودراسة وأن المقام هنا يغلب عليه مقام مقالة وليست مقام دراسة، وهو لإيراد خلاصة الأفكار وليس لإثباتها، بالإضافة الى اعتمادي على حصافة القاريء وفطنته في التمييز بين الحقائق والتزوير، ومع هذا أشرت الى بعض الدراسات التي توسعت في هذا المجال. كما أود أن تستكمل الفائدة من وراء ذكر هذا الملخص توضيح إشكالاتنا عليه وهي موجزة في الأمور التالية:
* الله في الأصل المترجم عنه هو ”يهوه“
* شمل التلخيص الإصحاح: الأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر.
* تم اختيار العنوان كي يوضح مدى سوء استخدام الأسطورة في الوهم المقدس ولو كانت جرائمها بالفظاعة والوحشية التي ذكرت.
*لقد توفي موسى في سني التيه «أربعون عاما» والظن أنه قتل بعدما انقلبوا عليه بحجة أنه تزوج من حبشية «نوبية» فقد هاجر بعد وفاة زوجته أبنة نبي الله شعيب . وقد ورد ذلك ملتبسا في التوراة حيث جعلت سنوات التيه الأربعين بعد عبور البحر الأحمر وهذا خلاف ما حدث!!
*تم عبور بني إسرائيل للبحر الأحمر من وسطه حسب قول التوراة فكيف لهم أن يعبروا سيناء!!. وهناك عدة دراسات تقول أن عبورهم كان من جنوب البحر عند ملتقى البحرين «باب المندب» وهذا ما ذهبنا اليه.
* الذي عبر ببني إسرائيل البحر الأحمر هو يوشع بن نُون وليس موسى ع.
* عبور نهر الأردن هو مختلق خيالي من بنات أفكار من كتب التوراة، وذلك إمعانا في قلب حقائق التاريخ.
* مجمل هذه الأحداث وقعت بعد انعتاق شعب بني إسرائيل من السبي البابلي وبمعونة من ملوك الدولة الأخمينية الفارسية، وليس بعد أربعين سنة من وفاة موسى . أي أنها وقعت في أوقات متفرقة ومعظمها وقع في القرن السادس قبل الميلاد وليس كما ذكرته التوراة بأنها أحداث السنة الأربعين بعد وفاة موسى. أي أنها أحداث القرن الرابع عشر قبل الميلاد، كما تزعم التوراة. وقد الف الأب سهيل التغلبي
* يوشع بن نُون بريء من كل ما ذكرته التوراة في هذا السفر.
* تم نقل وجمع أحداث مع ذكر أسماء جمعها الأحبار وهم في أرض البابليين قابعين في الأسر، وكان همهم إرجاع الثقة للعشب اليهودي الذي كان قابع في الأسر بسبب خطاياه.
* كان الأحبار تقودهم الأحلام في العودة الى أرض كنعان، في تسطيرهم لهذه الأكاذيب، وليس لأرض ”الباغية إسرائيل“. وتلاقت أحلامهم مع رغبة الدولة الفارسية في السيطرة على شواطئ اللاذقية.
* ما ذكر في هذا السفر لهو خلط واضح ما بين المقدّس وأحداث التاريخ والخرافة التي أنتجت ”الأسطورة المقدسة“
* لقد تم نقل هذه الأساطير الدينية إلى كتب التاريخ وبعضها غزى كتب الروايات ومن ثم كتب التفاسير.
* تم تناقل أسماء الأماكن من منطقة جغرافية معينة إلى منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط مع الحفاظ على أسماء ملوكها في زمن التدوين.
* ذكر بعض أسماء الأماكن وبعض أسماء الملوك يفضح التاريخ المتأخر الذي كتبت فيه هذه الأسفار، أو أعيد كتابتها. وهو تاريخ أقرب إلى قرون قليلة من ميلاد المسيح عيسى .
* سوف تتكرر هذه الملاحظات أو بعضها مع كل دراسة لما أوردته التوراة فيما له علاقة بتاريخ منطقتنا أو له علاقة بالدين أو العقيدة. وبهذا الخصوص أحيل القارئ الكريم الى دراسات الأستاذ كمال الصليبي والأستاذ زياد منى.