ثقافة التخريب
الحسد، او الغيرة، او المنافسة غير الشريفة، عوامل تقود لانتهاج سياسة تخريبية، تجاه المشاريع الناجحة، ف ”الناس اعداء ما جهلوا“، الامر الذي يدفع البعض، للتحالف مع ”الشيطان“، في سبيل ايقاف عجلة التقدم، لدى الطرف الاخر، بمعنى اخر، ان الوسيلة المستخدمة، ليست ذات اهمية على الاطلاق، فالمبدأ السائد عند هذه الفئة، يعتمد على ”الغاية تبرر الوسيلة“، بحيث يدفعها لعقد تحالفات مصلحية، سواء كانت مرحلية، او استراتيجية، بغرض تعطيل حركة النمو، لدى الاطراف الاخرى.
البعض لا يجد غضاضة، في الاضرار بنفسه، او المحيط الاجتماعي، مقابل تخريب المشاريع المنافسة، ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِم﴾، فالعملية مرتبط بالغيرة، واحيانا اخرى بالحسد، مما يجعله يتحرك بعكس التيار، لتحقيق المآرب الشيطانية المخربة، الامر الذي يدفعه، لتحريك مختلف الادوات، للتشويش على الافكار والمشاريع، ذات المصلحة الاجتماعية، اذ يحاول وضع العصا في الدولاب، لمنع الحركة الطبيعية، حيث تستخدم الشعارات البراقة، سواء المنطلقة من المخاوف على المجتمع، او من خلال ترديد عبارات مختلفة، من اجل تحشيد الجهات المؤثرة، على منع المشاريع التنموية، القادرة على بث روح التقدم، في المجتمع.
القرآن يعبر عن هذه الشريحة، ب ”شياطين الانس“، نظرا لما تمتلكه من قدرة على التلون، والتأقلم مع الظروف، فمرة تتحرك بغطاء قانوني، لتخريب التحرك التنموي، وتارة اخرى تستغل الاطار الديني، في لحشد الاصوات، ضد الاصوات المنافسة، بمعنى اخر فان ”شياطين الانس“، يمثلون شريحة تمتلك من القوة، والسلطة ما يمكنها، من اختراق المجتمع، في سبيل الوصول الى الاهداف، اذ يمثل المال احد الوسائل الاكثر قدرة، على استقطاب الاصوات المؤيدة، للمشاريع ”الخبيثة“، بينما تمثل السلطة الاجتماعية، عنصرا هاما في فرض السطوة، على الشخصيات المنافسة، اذ تحاول استغلال هذه السلطة، في مشاريع شخصية، او احيانا لتنفيذ مصالح الاخرين.
عملية التخريب، تتطلب جهودا كبيرة، في سبيل تحقيقها، خصوصا وان ”شياطين الانس“، يفضلون استخدام الموت البطيء، كوسيلة ناجحة للتدمير، فتارة يكون التخريب للأفكار، والمشاريع التي تبشر بها، الاطراف المنافسة، ومرة ثانية يكون عبر استخدام الحرب النفسية، الامر الذي ينعكس بصورة مباشرة، على قدرة الاطراف ”المشاكسة“، على الصمود، مما ينتج رفع راية الاستسلام، جراء حالة اليأس التي وصلت لها تلك الاصوات، او عبر اتساع المعارضة الاجتماعية، لاسيما وان عملية المقاومة، تحتاج على قدرة هائلة، ليست متاحة للجميع.
البيئة الاجتماعية، تمثل احد العوامل المساعدة، على نجاح او فشل، ثقافة ”التخريب“، فاذا وجد اصحاب المشاريع الاصلاحية، فضاء رحبا للتحرك والقبول، فان الطرف الاخر سيجد نفسه محاصرا، بجدار قوي يصعب اختراقه، مما يعني صعوبة استقطاب الاطراف القادرة، على نصب الافخاخ في الطريق، بينما سيكون الوضع مغايرا تماما، فالبيئة الاجتماعية الرافضة، لمختلف انواع التطور والتقدم، ستقف طواعية او مجبرة، في وجه الطرف الساعي، لإحداث تغييرات جذرية، وبالتالي فان العملية ليست مقصورة، على اصرار اطراف ”التخريب“، بقدر ما ترتبط بالقابلية، لدى البيئة الاجتماعية، الحاضنة للفئات الاصلاحية.