ثقافة الامل
يتمسك المرء بحبل الامل، لمقاومة الاحباطات على اختلافها، حيث تمثل النظرة المتفائلة للمستقبل، الحاجز الذي يمنعه، من الاقدام على مغامرات، غير محسوبة النتائج، اذ تمثل قاعدة ”اشتدتي ازمة تنفرجي“، مبدأ ثابتا، لدى شريحة واسعة من المجتمع، خصوصا وان بقاء الحال من المحال، مما يعطي الانسان بصيص نور، لتجاوز المرحلة الصعبة، بقليل من الصبر، ومزيد من الارادة الصلبة، ”ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون“.
شمعة الامل المتقدة، في نفوس الشعوب الحية، تسهم في اضاءة الطريق المظلم، فنور الامل يتغلب على ظلام المشاكل، التي تعترض الطريق، بحيث تتحرك الشعوب، باتجاه الهدف المرسوم، دون الالتفات الى الوراء، لاسيما وان النظر للخلف، يبعث على الاسى والتخاذل والهوان، وبالتالي فان العيون، لا ترقب سوى اتجاه واحد، من اجل الوصول الى نقطة الهدف، مما يخلق الاجواء المناسبة، لتجاوز الافخاخ، التي تنصب في الطريق، من قبل الطرف المقابل، الذي يسعى بكل الوسائل، تكريس ثقافة الاحباط، في النفوس، نظرا لما تمثله ارادة النهوض، من خطورة كبرى، على مصالح بعض الاطراف المستفيدة، من ثروات وامكانيات، بعض المجتمعات البشرية، الامر الذي يتمثل في حروب ”التجهيل“، التي تمارسها بعض الاطراف، تجاه بعض الشعوب العالمية، خصوصا وان التعليم، يشكل السلاح القادر، على تحقيق المعجزات على الدوام.
الازمات على اختلافها، تمثل تولد الطاقة المدفونة، لدى الانسان، ”بالصبر يتوقع الفرج ومن يدمن قرع الباب يلج“، فالمرء يبحث عن الحلول المتاحة، وغير المتاحة، لتجاوز الازمات، الامر الذي تمثل في انقاذ الذات، من الخطر الداهم، فالامراض الوبائية، التي انتشرت وساهمت في القضاء، على مئات الالاف من البشر، دفعت الاطباء، للبحث عن الامصال للقضاء عليها، بمعنى اخر، فان بروز بعض الازمات، بمثابة مقدمة لانفراجها، عبر الجهد والعمل المتواصل.
المجتمعات التي تستسلم، للواقع المر والصعب، لا ترتقي لسلم المجد والازدهار، حيث تعيش دوما بين الحفر، وفي مؤخرة الركب، فيما الشعوب التي تقاوم مصاعب الحياة، تستطيع النهوض من تحت الركام، فالعملية تتطلب وضع خطط، وبذل المزيد من المال والوقت، بمعنى اخر، فان الرغبة في رفض الواقع المر، ليست كافية لتحقيق الهدف، وتسجيل الانجازات، فهناك الكثير من الخطوات، والمقدمات ينبغي اتخاذها، باعتبارها مفتاح اساسي، للوصول الى شاطئ الامان.
تجربة اليابان، تبقى ماثلة امام العالم، فالشعب الياباني الذي تعرض لهزيمة كبرى، في الحرب العالمية الثانية، بالاضافة لتعرضه للقنبلة النووية، استطاع النهوض في غضون عقود قليلة، بحيث بات من اقوى الاقتصاديات العالمية، فضلا عن منافسة الدول الصناعية، في مختلف المجالات، فالازمة التي عاشها اليابانيون، استخدمت كوسيلة للنهوض، الامر الذي ساهم في بروز مارد صناعي، يغزو العالم، بمختلف منتجاته، بحيث لا يخلو منزل من المنازل، على المستوى العالمي، من منتج ياباني.