ثقافة الاسماء
تلعب الاسماء دورا محوريا، في حياة شرائح اجتماعية، باعتبارها تعبيرا عن القدرة والسمو والزهو، لذا فان من الحقوق المفروضة، على الاباء اختيار الاسماء المناسبة، للابناء والابتعاد عن الاسماء، التي تجلب العار وتخدش الحياء، خصوصا وان، الاسماء تولد احساسا داخليا لدى المرء، مما يجعله يتفاخر الاسم، ولا يخجل من ترديده على الاطلاق، فيما يتوارى البعض عن الانظار، خجلا من البوح باسمه، نظرا لما يمثله من حالة شاذة، او يوحي باشارات سلبية، في المحيط الاجتماعي.
عملية اختيار الاسماء، تقع على عاتق الاباء بالدرجة الاولى، «حقّ الولد على الوالد أن يحسن اسمه، ويحسن أدبه، ويعلّمه القرآن» و«تجب للولد على والده ثلاث خصال: اختياره لوالدته، وتحسين اسمه، والمبالغة في تأديبه»، خصوصا وان الاختيار الحسن، يترك اثارا ايجابية على المرء، في جميع المراحل العمرية، كما ان الاختيار السيئ، يلقي بتداعيات سلبية في الحياة، الامر الذي يتطلب حسن الاختيار، من خلال البحث عن الاسماء، التي تمثل نموذجا يحتذى بها، على غرار اسماء الله الحسنى، وكذلك اسماء الانبياء، والصالحين والقادة العظام.
البيئة الاجتماعية، تشكل مصدرا ملهما، في انتشار بعض الاسماء، فالبيئة الصحراوية، تفرض واقعا يلامس الجفاء، الامر الذي ينعكس بصورة مباشرة على نوعية الاسماء المتداولة في المناطق الصحراوية، فهي تعكس الثقافة السائدة المعتمدة على القساواة وصعوبة العيش التي تفرضها الحياة القائمة على مقاومة البيئة الصعبة على الدوام، بينما البيئة الحضرية، القائمة على رغد العيش والاستقرار السكني بخلاف البيئة الصحراوية المعتمدة على التنقل الدائم، فهذه البيئة ”الحضرية“ تمتاز باختيار اسماء مغايرة تماما، حيث تعكس هذه الاسماء الواقع الاجتماعي بالدرجة الاولى، اذ تختفي تماما الاسماء التي توحي على صعوبة العيش، وتبزر الاسماء التي تتحدث عن الاستقرار النفسي والسكني.
الثقافة التي يمتلكها الاباء، تمثل مدخلا اساسيا، في اختيار الاسماء للابناء، فالرجل الصحراوي، يمتلك مفردات مغايرة تماما، عن الانسان الحضري، بحيث تبرز على هيئة اسماء تطلق على الابناء، كما ان الانسان المحافظ، يحرص على اختيار الاسماء، ذات الثقافة الاسلامية والعربية، فالبعض يحرص على تكريس الواقع البيئي المحلي، والعربي، في نوعية الاسماء، حيث يبتعد تماما عن الاسماء الغريبة، او الوافدة من البيئات الاجنية، فيما يفضل البعض الاخر التغريد خارج السرب، من خلال اقتباس بعض الاسماء الغريبة، او ذات الدلالة الاجنبية، باعتباره نوعا من التطور، والخروج عن السائد الاجتماعي.
لا ريب ان الاسماء، ليست مؤثرة كثيرا في تحديد مسار، المرء في الحياة، خصوصا وان الانسان قادر على رسم خارطة مستقبله، بمعنى اخر، فان الاختيار الحسن للاسماء، من حقوق الابناء على الاباء، باعتبارها من الاشياء، التي ستبقى معه طيلة الحياة، فكلما كان الاختيار مناسبا، كلما انعكس بصورة مباشرة المرء نفسه، نظرا لما تمثله الاسماء، من اثر ايجابي على نفسية الانسان، بطريقة او باخرى.