آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 4:07 م

تيسير الرويعي ثانيا وأخيرا

سلمان محمد العيد

لقد عاش، وانتقل إلى رحمة الله حبيبا نقيا نظيف السيرة طاهر السريرة، الجميع يعرفه، ويحب أن يمزح معه.. بل حتى في سبابه بدا بريئا طيب القلب.

مشكلته  أو مشكلة الناس معه  أنه لم يؤتى القدرة للتعبير عن مكنونات ذاته، ولا ما يجري داخل مشاعره، وذلك قدر مقدر من الله جل شأنه، ولذلك لم يفهمه الكثير من الناس، ولم يع معظمهم حاجاته، فكان لهم الظاهر، والظاهر فقط.

ولكن مع ذلك، ومع ما سلب من مواهب يتمتع به كافة الناس، تجده حاضرا بين الجمع، والكل يعرفه ويتحدث معه، لأنه  من الأصل  يعرف كل الناس ومواقع عملهم وساعات دوامهم، وبعض معارفه تفصيلية، وفي بعض الأحيان معقدة، فتجده يعرف بعض الأنظمة الخاصة بالشؤون الاجتماعية مثلا، أو بعض أنظمة البلدية، ويعرف التخصصات العلمية، ومن هو الدكتور في البلاد ومن المهندس ومن المدرّس، ومن لاعب الكرة.

ذلك هو تيسير الرويعي، الذي فقدناه قبل أيام، وعرفنا كم نحن مقصّرون تجاه هذا الرجل، الذي لم يظلم أحدا، لم يسرق أحدا، لم يضرب أحدا، ولم ينل من شرف أحد.. فلا الصغير شكا منه، ولا الكبير تأذى منه، بل أن الكل يعرف بأن أي خطأ يصدر منه هو تلقائي، ومن التلقائية والطيبة قد يصدر الخطأ.. لأن تيسير لم يعرف المكر، ولم يتعلم الخبث.

أنه قصة تحكى، وتحكى، وسوف تحكى، وسوف تأخذ الأجيال منه العبرة  بكسر العين  وتذرف عليه العبرة  بفتح العين  فالمجتمع  بكل أسف  لا يعرف قيمة أي إنسان إلا أذا فقده، فقد كنت أمانة لدينا سعدنا معاك، وضحكنا كثيرا، لكننا لم نبك لبكائك ولم نحزن لحزنك.

وهنا أكرر ما سبق قلته، بأن هذا الرجل  وقبل أن يموت  هو إبن هذا البلاد، وهو جزء منها، وسيبقى شهادة علينا جميعا..

أننا لنعتذر منك يا تيسير..

نعتذر منك..

ولكنك في الوقت الحاضر أفضل منّا، لأنك وفدت على الكريم الذي لا تضيع ودائعه.

وبالنسبة لي أنا سلمان العيد اعتذر اعتذارا شديدا، وصادقا من أسرة الرويعي الكريمة التي أنا جزء منها، إذا كان قد صدر منّي قول فهم بشكل خاطئ أني أنال منهم، لا والله.. لا والله، ما وقع لم يقصد وما قصد ما وقع.. أنا اعرف حجم حزنهم، واقدّر ما هم فيه.. رحم الله الفقيد الف رحمة وسلام على روحه الطيبة.