مجتمع يعيد إنتاج أحزانه
العنوان في الأعلى ليس لي بل هو من بنات أفكار الأب الصديق منصور سلاط حيث كنا في حوار عن مجتمعنا المحلي بشكل خاص والمجتمعات الأخرى التي تعاني الإشكالية نفسها بما يخص حالة التذمر والاحباط الذي نمر به ونعاني منه هنا أبو محمد أطلق هذه العبارة التي ذيلتها عنوان لهذه المقالة القصيرة وهذه العبارة تشخيص دقيق لما نمر فيه وللواقع الذي نعيشه.
مجتمعنا كأي مجتمع في هذا العالم له هموم وتطلعات يرغب في الحصول عليها مما يخفف عليه أعباء الواقع وما يحمل من تبعات، لذلك تجده يتحدث عنها باستمرار وفي أي مناسبة وهذا جيد ودليل وعي وتشخيص للواقع الذي يعيشه، لكن مجرد الكلام عن المشكل كما يعلم عزيزي القارئ لا يحل شيء بل في كثير من الأحيان يأزمها أكثر لأن المشاكل بطبيعة الحال تتطور مع الزمن خاصة إذا لم نوجد لها حلول تتناسب معها ومع سياقاتها التي وجدت فيها.
كثير من الأحزان كما يعبر عنها منصور سلاط هي في الواقع قديمة جدا لكننا كمجتمع لازلنا نتحدث عنها لأنها لم تحل بعد إما بسبب المجتمع نفسه أو بسبب آخر لا أعلم ما أعلمه أن المجتمع الحي هو الذي يسعى لحل مشاكله بشتى الطرق والسبل المتاحة أما كلام المجالس والديوانيات قد يكون نافع لتبرير تقاعسنا وكسلنا ورمي مشاكلنا على غيرنا حتى نتخلص من تحمل المسؤولية التي يتحملها كل فرد في هذا المجتمع.
يصف الدكتور توفيق السيف في كتابه سجالات الدين والتغيير في المجتمع السعودي هذه الحالة بتوصيف يلامس الواقع بشكل قريب جدا حيث يقول: ”نحن ببساطة مجتمع يتسلى بالجدل حول القضايا الحرجة، وطبيعة التسلية أنها قصيرة الأمد، تظهر ثم تكبر فتثير الجدل ثم يظهر غيرها فينشغل الناس بالمسألة الجديدة، وهكذا“.
ما أود قوله أن هذه الأحزان الثقيلة على مجتمعنا لا تحل ولا تزول بمجرد الحديث عنها في المجالس أو شبكات التواصل الاجتماعي الحديثة قد يكون الكلام مفيدا في التنفيس عن آلامنا بشكل مؤقت لكنه سرعان ما يتلاشى مع مرور الوقت، إذا أردنا لمشاكلنا وأحزاننا أن تحل علينا البحث عن الحل والبحث عن القنوات السليمة التي من خلالها يتم معالجة المشكل وتجاوزه حتى نتمكن من التفكير في شيء آخر أرقى ينعكس بشكل إيجابي على المجتمع.