الحوزة العلمية بالقطيف الانفتاح على المجتمع
قال تعالى: ﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون﴾ صدق الله العظيم. سورة التوبة
وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين...
طلب مني الأخوة القائمين على الدورة «بناء الذات وإصلاح المجتمع» في الحوزة أن أتحدث نيابة عن الأخوة المشاركين في الدورة مع أني لست أفضلهم وبكل تأكيد هناك من هو أفضل مني لكن هكذا شاءت الأقدار أن أكون أنا المتحدث فلكم العذر على التقصير.
السعي نحو خدمة المجتمع وتوعيته في مختلف القضايا الدينية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية هو حالة رائدة ومميزة تقوم بها الحوزة العلمية بالقطيف لقيامها بتنظيم مثل هذه الدورات الصيفية في سبيل خدمة المجتمع والنهوض به وتأسيس لمجتمع متفاعل مع متطلبات وحاجات أفراد مجتمعه الذي يتقاسم معهم نفس الشعور سواء بأفراحه وأحزانه.
أجمل ما في الدورة هو اللقاء بهذه القامات السامقة والاستفادة من علومهم والاستماع إلى تجاربهم الحياتية والعلمية في بناء الذات وإصلاح المجتمع والنقاش في قضايا المعرفة والاقتصاد وحقوق الإنسان المدنية والسياسية ومفاهيم القرآن الكريم.
استقطاب مجاميع من الشباب المؤمن وتسليحهم بالثقافة الدينية ومزج هذه الثقافة لخدمة المجتمع شيء طال انتظاره من قبل الحوزات الدينية نظرا لعدم وجود مثل هذه الحوزات في المنطقة أو لتأخرها كوجودات مستقلة قائمة بذاتها. ما تقوم به الحوزة هو عمل رائع في التفاتتهم لهؤلاء الطاقات والكفاءات الشبابية التي تسعى وتتشرف لخدمة هذا المجتمع بكل ما يملكونه في سبيل الارتقاء به وتحقيق الاستقرار الاجتماعي ونشر قيم التسامح والعطاء بين أفراده.
قبل الدورة كنت مترددا في حضور هذا البرنامج لكن لحسن الحظ تغلبت على ترددي والصورة المنطبعة في داخلي اتجاه الحوزة وما يلقى فيها من علوم ودروس كنت أعتقد أنها تقليدية ولا شيء جديد فيها، لكن في الحقيقة اكتشفت غير ذلك من وجود تنوع في الطرح وعلى كافة المستويات الدينية والثقافية والإصلاحية والاجتماعية والحقوقية وتعدد المناهج والآراء داخل هذا الكائن الغريب بالنسبة لي في السابق «المرء عدو ما يجهل» كما يقال..
بناء جسور تواصل بين الحوزة والمجتمع من الضروري الاهتمام به وتعزيزه وعدم الاكتفاء بالدراسة الحوزوية مع أهميتها وبدل الجهد والجد فيها، مجتمعاتنا بحاجة إلى تفكير جاد وعمل متواصل للتوصل إلى كيفية أو طريقة في انتشالها من سباتها الطويل الذي لم تستيقظ منه حتى الآن خاصة بعد الأحداث التي تمر بها المنطقة وما يصاحبها من تغييرات متسارعة جدا فعلى العلماء والمهتمين بالإصلاح السعي الجاد لإيجاد آليات تنقل مجتمعاتنا نحو التقدم والتطور من خلال تعزيز قيم التطوع والحب للخير والتأكيد على الترابط بين أبناء المجتمع وتعزيز قيم الإصلاح في كافة المستويات الدينية والاجتماعية والسياسية والثقافية ونشر قيم الحوار وتقبل المختلف أيا يكن هذا المختلف من خلال التواصل والاحترام المتبادل بين كافة مكونات المجتمع وتجنب أحادية الرأي والتعصب له والتعامل على أساس الإنسانية التي هي من أهم المشتركات التي نتقاسمها مع بعضنا البعض.
وفي الختام..
لا يسعني أنا شخصيا ونيابة عن الأخوة الكرام الذين أتشرف بهم جميعا أن أشكر الحوزة العلمية بالقطيف على هذا الجهد الطيب والمبارك الذي أضاف لي وللإخوة الكثير من الفائدة التي تكون لي وللإخوة الذخر في الدنيا وفي الآخرة بأذن الله تعالى.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.