مهدي صليل.. كاتب يكتب بصمت
قليل هم الكتاب الذين يعملون بهدوء حيث ترى تموج أفكارهم يأتي كماء البحر عندما يلامس الشاطئ في حالة شوق ولهفة إلى حيث الهدف الذي يبحث عنه، ينطلق الكاتب من فكرة أن كل مجتمع له قيم ومبادئ حاكمة على سلوك أفراده الذين ينتمون له وينهلون من تلك القيم التي تمثل النهج القيمي لهم، وعلى هذا الأساس يركز آل صليل على ترسيخ هذه القيم من خلال الكتب التي يصدرها بشكل مستمر.
يؤمن الكاتب مهدي صليل بأن الطريق إلى إصلاح المجتمع لا بد أن يكون من خلال ثقافته التي يمارسها ويؤمن بها لأنها أقرب إلى الاستيعاب والقبول بشكل أسرع وبالتالي فاعليتها في التأثير تكون أكثر على المجتمع الذي يحاكيه الكاتب آل صليل في كتاباته التي يحاول استيعاب أكبر قدر من تلك المفاهيم القيمية لكي يصلها للمجتمع.
يقول آل صليل في مقدمة إصداره الجديد ”السعادة والنجاح تأملات قرآنية“: ”الهدف المشترك بين أبناء البشر يحتاج إلى“ خارطة طريق ”ترشد إلى الحقيقة وترسم أقرب الطرق وأسلمها للوصول إلى الهدف المنشود، فكثيرا ما يخطئ الإنسان طريقه، ويسلك مايؤدي إلى نتائج عكسية، وهو مانراه اليوم في حياة الأفراد والمجتمعات، فالإنسان بحاجة إلى معرفة حقيقة السعادة ىالنجاح، ثم اختيار الأسلوب الأمثل للوصول لهما“.
من خلال هذا النص يؤكد الكاتب على أمر مهم وحساس جدا وهو تحديد الهدف الذي يحدد الخارطة لأي مجتمع يرغب في النهوض وإصلاح شأنه ومن دون ذلك الهدف فإن المصير المحتوم هو التخبط الذي لا مفر منه، وكثير من المجتمعات المتعثرة كما يرى الكاتب لم تحدد لها هدف تسير على هديه وبالتالي حليفها البؤس والسير على غير الجادة ويكون الفارق بينها وبين المجتمعات المتقدمة بون شاسع، الوصول له يحتاج إلى الكثير من الجهد والوقت حتى تتعافى مما هي عليه من إحباط وتعثر وبؤس.
وفي ختام الكتاب يؤكد الكاتب مهدي صليل على قيمة التسامح التي أصبحت حاجة ملحة لما تعاني منه الأمة الإسلامية من تشظي وتناحر حيث يقول: ”ما تعيشه الأمة الإسلامية اليوم من تناحر ومواجهات دموية يؤكد أهمية نشر ثقافة الوحدة والتسامح وقبول الرأي الآخر، فالثقافة هي التي تغذي السلوك وتوجهه“.
لا سبيل لنا اليوم إلا القبول بالحقيقة المرة وهي أننا مجتمعات متعددة ومتنوعة ثقافيا ودينيا، ورفض هذه الحقيقة يؤدي إلى مزيد من إراقة الدماء وتدمير العالم الذي خلقنا من أجل إعماره والمحافظة عليه ونعيش مع بعضنا البعض بحب وسلام.