آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 3:32 م

الأمطار والإجازات المدرسية

عبد الوهاب العريض * صحيفة الشرق

لم نسمع عن فكرة تعليق الدراسة في الوطن العربي إلا نادراً، ولم يكن التعليق بسبب الأمطار بل بسبب الحروب أو المشكلات التي قد تحدث في تلك الدول، حيث إن بعض الدول العربية منها أو الآسيوية لا يتوقف المطر فيها سوى أيام قلائل، لذا الكل يتصرف بناءً على بنيته التحتية التي من خلاله بنيت أساسات المدن، وتم تخطيط القرى والهجر.

وبالعودة للماضي أي قبل ما يزيد على ثلاثين عاماً لم يكن هناك أي فكرة لتعليق الدراسة في المملكة، فكان الطالب يذهب إلى المدرسة وعليه أن يخترق المطر والطريق كي يصل إلى مقعده الدراسي حتى لو كان مبللاً بالمطر، حيث إن الدرس لن يتم تعويضه بقليل أو كثير من المطر، وها نحن نصل إلى البنية النفسية لتركيبة الطالب اليوم، حيث نجده بمجرد وصول فصل الشتاء يتساءل كل يوم هل سيتم تعليق الدراسة غداً.. هل هناك مطر.. وأصبح طالب اليوم لا يستطيع استدراك الأمور وصناعة واتخاذ القرار.. وهذا يأتي من خلال نحن نفكر عنكم.. أنتم فقط نفّذوا ما نراه مناسباً لكم.. لذا أصبح طالب اليوم يبحث عن الإجازة كي يخرج للتنزه، ينتظر أن يأتيه والده بالمال كي يقوم هو بصرفه، لا يخطط لما سيفعله وما يريده من خلال الخدمات التي تقدم له وتجعله بعيداً عن التفكير.

لقد أصبح العقل الجمعي لدى الطالب السعودي أكثر ارتباطاً بمعطيات إلكترونية تقدم له الحلول المؤقتة في الحياة فتختصر عليه مجرد التفكير في عبور الشارع وكيف يتجاوز تلك المستنقعات ولا يقع في حفرة «أهملتها» الشركة المنفذة في انتظار وصول شركة أخرى «تردم» الحفرة الأولى. إن لعبة «الحفر» و«الردم» أصبحت لعبة المسؤول الذي لا يجد أي حساب حقيقي بعد إنجازه لمشروع «مجسم جميل»، «محتوى رديء» لذا أصبحت شوارعنا اليوم أكثر رداءة من الأمس، ومدارسنا متهالكة أكثر من مدارس نقوم بإنشائها في البلدان النامية، ومن هذا المنطلق أصبح العقل الجمعي لدينا يتعامل مع المكون الجغرافي والمكاني من خلال معطيات رياضية بليدة لا تستطيع تقديم رؤى حقيقية للمستقبل الذي ينتظر الأجيال المقبلة، بدءاً من التربية المدرسية وانتهاءً بالتربية الأسرية وذلك خوفاً على الأبناء من مستقبل مجهول ينتظرهم في الشارع ومتناسين أن المجهول ليس في الشارع بل دفعنا ثمنه غالياً وأعطيناه أبناءنا كهدية على نجاحهم بدرجات مقبولة، ليكون بين أيديهم، ويحول حالة التفكير لديهم إلى مجرد معركة في أجهزة المحمول.