توفيق السيف من ضيق الطائفة إلى سعة الإنسانية
أثارت تغريدة الدكتور توفيق السيف على حسابه في توتر عن حارث الضاري قبل أيام حفيظة الطائفيين الذين تسكنهم الطائفية البغيضة مما أدى إلى ردة فعل قوية اتجاهه لم تكتف بنقد التغريدة وحسب بل نالت من شخص الدكتور نفسه وهذا خلاف الدين والعقل والأخلاق التي يجب علينا جميعا التحلي بها حتى نحافظ على ما تبقى من انسانية الانسان فينا. طبعا هنا لا أحد ينفي حق أي فرد من ممارسة النقد وحرية التعبير عن الرأي لأن هذا حق مكفول للجميع ما نتحفظ عليه هو النيل من الشخص وكرامته حيث هذا يسمى اعتداء وليس تعبيرا عن الرأي.
من خلال متابعتي لما يكتب الدكتور توفيق سواء كتبه أو مقالاته أو ما يعبر به في شبكات التواصل الاجتماعي تجد هناك انحياز وتركيز كبير خاصة فيما يتعلق بقيمة الإنسان كإنسان بغض النظر عن انتماءاته وتوجهاته الدينية أو الثقافية أو السياسية وأن هذا الانسان حر ويمتلك عقل يمكنه من تحمل تبعات قراراته وخياراته التي آمن بها لذلك تجد الدافع الذي ينطلق منه الدكتور توفيق هو الحفاظ على الانسان وتجنيبه ويلات الصراعات الطائفية الكريهة إلى التسامح وتحقيق السلم الأهلي حيث يقول في مقالته ”أن تكون مساويا لغيرك“: «التسامح هو الاقرار بأن لكل انسان حق في اختيار ما يراه مناسبا لشخصه من فكرة أو اعتقاد أو طريقة عيش أو منظومة علاقات اجتماعية أو موقف سياسي أو تصور عن المستقبل. أرضية هذا المبدأ هي الايمان بعقلانية الانسان وحريته». وفي مقال ”الكراهية“ تجد الدكتور توفيق يرفض وينتقد الكراهية وتجارها وما تسببه من دماء ودمار لا يذهب أثره إلا بعد فناء الأرض والنسل يقول فيه: «لم يعد الأمر خيارا أو رفاهية. الدماء والدمار والدموع التي تقتحم عيوننا وآذاننا كل ساعة، على امتداد العالم العربي والاسلامي، نذير بأن مستقبلنا قد يذهب وقودا لنيران حروب تؤججها كراهيات انفلتت من رفوف التاريخ واستوطنت نفوسنا وحياتنا».
من خلال ما يكتبه أو يعبر عنه الدكتور توفيق السيف تجد هناك هم قد شغل فكره وضميره وهو الانتقال بالانسان من الاهتمام بالقشور إلى الاهتمام بالجوهر لأنه يدرك تماما أن سر تخلفنا هو نتيجة الانشغال بالأشياء الصغيرة وتقديمها على الأشياء الكبرى التي تنهض بالفرد والأمة، وهذا لا يتحقق إلا بتجاوز التراث المتراكم من الصراع الذي راح ضحيته الكثير من الدماء، والاهتمام بما يرتقي ويحقق الأمن والسعادة والرفاه للإنسان على هذه الأرض التي لم تعد تتسع لمن استخلفه الله عز وجل عليها بسبب تنامي الحقد والتطرف والارهاب.
من هنا فإن الدكتور توفيق السيف أراد من خلال ما يكتب ويعبر عنه إلى تجاوز ضيق الطائفة إلى رحاب أوسع وأرقى وهو فضاء الانسانية التي تشكل المشترك الرئيس الذي من الممكن أن نلتقي عليه بدل التشظي الذي نحن عليه حيث يقول في مقالته ”سجناء التاريخ“: «المجتمعات الناهضة قليلة الاهتمام بالماضي واحداثه، لأنها منشغلة باستثمار الحاضر وامكاناته، وهي أكثر واقعية واعتدالا في التعامل مع الغير... لأنها تقدر قيمة انجازات الانسان كما تقدر قيمة الزمن».
”إن الإنسان بقدر ما يزداد أخلاقية يزداد إنسانية“ الدكتور طه عبدالرحمن.