«حافز» إعانة وليس وظيفة.. هل يمكن إيقافه؟
إن المتتبع لبرنامج ''حافز'' يجده تحديًا صعبًا لتأسيس مفاهيم جديدة للعمل وإيجاد الفرص الوظيفية، إذن ماذا بعد حافز؟ هل نرجع لبطالتنا وسلبياتها المخيفة؟ لماذا لا تكون هناك حلول جذرية لمشكلة البطالة من الأساس؟ خصوصًا في ظل الأعداد الكبيرة من مخرجات التعليم غير الملائمة لاحتياجات القطاع الخاص، التي ما زالت تتدفق إلى سوق العمل على الرغم من عدم احتياجه إليها من جانب، ومن الجانب الآخر ترغيب في وظائف تفصل حسب أهوائهم.
إن برنامج ''حافز'' يُعَدُّ بادرة حسنة، فتحت باب الأمل لكثير من الباحثين عن العمل، وتحدث عن أرقام وصلت إلى ملايين من العاطلين، فهل نستطيع مستقبلاً إيقاف بدل البحث عن العمل بعد انتهاء أو مرور السنة؟ مع تزايد أعداد الملتحقين بالبرنامج شهريًّا.. إن طرحي هذه التساؤلات يتمحور حول العلاج لمشكلة البطالة الحالية، ووضع الآليات لكبح جماحها وعدم تفاقمها مع الأجيال المقبلة، فمع تعود ''الحافزيين'' تسلُّمَ مبلغ الألفي ريال نهاية كل شهر، هل ممكن أن نتخيل ماذا يعني إيقافه بعد نهاية السنة؟ شخصيًّا لا أتخيل ولا أؤمن أن باستطاعة أحد إيقافه.. فمن وجهة نظري أن إعطاء المبالغ النقدية كل آخر الشهر دون مقابل من العمل ودون أي التزام به، سيؤدي إلى نوع من الاتكالية لدى طالبي العمل، وعدم الجدية فيما يوجهون إليه من أعمال، خصوصًا التي قد تكون أقل مرتبًا مما يتقاضاه من ''حافز''.. فخروج الموظف كل صباح والتزامه بالعمل سيبني ثقافة الالتزام، وسيعرفنا بطالب العمل الجاد.. قد يقول قائل إن القطاع الذي يوجهون إليه لن يعطيهم الفرصة ولن يطورهم.. وهنا يأتي دور الآليات والأنظمة وآليات الرقابة التي يجب أن يقرها مسؤولو صندوق الموارد البشرية التي ستمكنهم من التحقق من تلك الأقوال.
لذا وقبل الوصول إلى الحافة وقبل أن يضيق علينا الوقت، آمل من وزير العمل، كما عودنا، أن تتم الاستعانة بعدد من ورش العمل في مناطق المملكة كافة بالشراكة مع القطاع الخاص ومسؤولي الدولة المعنيين للوصول إلى رؤى توصلنا لحل القضية، التي أتوقع أن تكون من بينها توصية بأن تقوم الدولة ممثلة في وزارة المالية بإعادة صياغة المناقصات واشتراطاتها من خلال تحديد نسب معينة من عقود التشغيل والصيانة للسعوديين وبحدود دنيا من الرواتب، إلى جانب إلزام جميع الشركات الحكومية أو التي تملك الحكومة فيها نسبة 51 في المائة بذلك، طالما تم التوظيف أو إلزام الباحثين «المستفيدين من بدل البحث عن العمل حافز» بمباشرة العمل فورًا في القطاع الخاص مع بقاء مكافأة حافز، وأن يصرف القطاع الخاص مبلغًا آخر لهم مع إعطاء الفرصة الكافية لتطبيقه على أرض الواقع، مراعين العقود والاتفاقيات الحالية، على أن يؤخذ في حسبانهم للعقود الجديدة.
إنني لست بذلك الخبير، لكن ورش العمل ستوصلنا إلى رؤى وقرارات مع إيماني الكامل بأن هذا الرأي وغيره ليسوا بغائبين عن مسؤولي وزارة العمل وصندوق الموارد البشرية.. وكلي أمل أن يكون أول توصياتها إقرار ربط صرف إعانة البحث عن العمل «حافز» بمباشرة العمل.
البطالة لها مخاطر اجتماعية، ثقافية، اقتصادية، وأمنية، لذا لا بد علينا جميعًا أن نحاول العمل يدًا بيد لمحاربة هذه الآفة ووضع الحلول لها بشكل سريع وفاعل قبل تفاقمها، ومن ثَمَّ عدم السيطرة عليها.. ومن المهم تقبل وزارة المالية التكلفة المرتبطة بتحقق ذلك.
وفي الختام؛ أسأل الله أن يلهمنا الصواب للمساعدة على حل قضيتنا الأولى في وطننا، ألا وهي البطالة التي تُعَدُّ شرًّا على جميع الشعوب.