آخر تحديث: 18 / 10 / 2024م - 12:02 ص

المرأة تنتصر لذاتها

حسن آل جميعان * صحيفة الشرق

من أكثر المواضيع إثارة للجدل في المجتمعات التقليدية وسخونة أيضاً موضوع المرأة لا بوصفها إنساناً كامل كالرجل بل بوصفها ملحقاً به، وعلى هذا يتم التعامل معها كتابع ليس إلا، وهنا تكمن المشكلة المتأصلة في العقلية التقليدية بالنسبة للمرأة التي بدأت تأخذ حيزا مميزا في الفترة الأخيرة باعتبارها فاعلا نشطا في الحياة العامة سواء على المستوى الاجتماعي أو الثقافي أو الاقتصادي.. حيث النشاط الخالي من وجود المرأة يعد فيه خلل ونقص يحتاج إلى تعديل وتصحيح، كل هذا بسبب المرأة نفسها لأنها تمكنت من فرض ذاتها بشكل يليق بها وينعكس على سلوكها ونشاطها في الحياة الاجتماعية طبعاً ليس بالمستوى المطلوب، لكننا نرى تقدما ملحوظا في هذا الجانب وهذا المأمول والمطلوب منها لكي تتمكن من تغيير تلك العقلية التقليدية التي تنتقص وتقلل من شأن المرأة وتحط من كرامتها.

هذا الحديث قد لا يعجب ممن لديهم نزعات ذكورية انتقاصية من المرأة لكننا نقول ذلك وندرك أنها لم تكن تلك المرأة التي نعرفها في السابق المطيعة الخانعة للظلم والقهر الذي يمارس عليها وهذا نتيجة عوامل كثيرة استطاعت من خلالها أن تفرض وجودها واستقلاليتها، أولا: المرأة الآن متعلمة بمعنى أنها ليست جاهلة أو غير متعلمة وتعلمون ما يحدثه التعليم من أثر في عقلية وشخصية الفرد على سلوكه وتعامله مع غيره لا بوصفه تابعا بل ندا، وهذا ما حدث للمرأة في كثير من المجتمعات حيث نسبة النساء في التعليم أكثر من الرجال في بعض المجتمعات التقليدية، حيث تجاوزت النسبة 51% أي أكثر من النصف مقارنة بالرجل وهذا عامل مهم ومؤثر اجتماعيا بالنسبة للمرأة وأعتقد سوف يحدث هذا تحولا كبيرا في السنوات القادمة في كافة المجالات في تلك المجتمعات. ثانيا: دخول المرأة في المجال الاقتصادي سواء في الاستثمار أو الوظيفة مما يتيح لها أكبر قدر من الاستقلالية والوفرة المالية، حيث تقدر الاستثمارات للنساء السعوديات 21% من حجم الاستثمار في القطاع الخاص وتقدر الثروة النسائية بما يقارب 100 مليار ريال سعودي «تقرير صحيفة المدينة في عددها 18563 يوم الأحد 16/ 2/ 2014م» هذا بالنسبة للاستثمار، أما فيما يتعلق بالوظائف النسائية فيبلغ العدد الإجمالي للنساء السعوديات العاملات في قطاع الدولة «422608» بحسب إحصاءات وزارة الخدمة المدنية بالسعودية وهذه الأرقام ستزيد وتتضاعف في الأيام القادمة مما ينشئ امرأة قادرة على إدارة شؤونها بعيدا عن سلطة الرجل وتحكمه فيها. أخيرا: الحضور النسوي الكثيف في الحياة الثقافية والفكرية ليس مجرد حضور فقط بل مشاركة وقيادة هذه الفعاليات والنشاطات مما ينتج لنا خامات فكرية وثقافية صاعدة ومؤثرة على المستوى الوطني من النساء وهذا يقلل من احتكار الرجل لتلك النشاطات والفعاليات مما يجعل باب المنافسة بين الرجل والمرأة مفتوحا على هذا الصعيد الفكري والثقافي.