آخر تحديث: 19 / 12 / 2025م - 4:42 م

لغةُ الضاد… الأصلُ الذي لا يموت

نازك الخنيزي

لغةُ الضاد… الأصلُ الذي لا يموت

لغةُ الضاد…
هي السيادةُ حين تتواضعُ المعاني،
والجذوةُ التي لم تخمد
منذ أن نطق الإنسانُ اسمه الأوّل.

ليست حروفًا تُرصّ على سطر،
ولا كلماتٍ تبحث عن صدى،
هي نَفَسُ الفجر
حين يولد بعد طول مخاض،
والنداءُ الأوّل
الذي علّم الأبجدية
كيف يكونُ المعنى وطنًا.

لغةُ الضاد
مقامُ الصدق
حين تفقد اللغاتُ شرفَ القول،
وميزانُ الروح
إذا اختلّت موازين العالم.
فيها للكلمة وزنُ الفعل،
وللصمت هيبةُ الاعتراف،
وللمعنى كرامةٌ
لا تُساوَم.

في جلبابها تتصافح الحروف،
وتتآخى الكلمات
لتنسج عقدًا يليقُ بجيدِ القصيدة،
تنحني أمامه اللغاتُ احترامًا
للصدقِ المارّ فوق السطور.

هي اللغةُ التي
تقول الألم بلا استعراض،
وتكتب الحبّ
كعهدٍ لا كزينة.
تعرف كيف ترفع الحقيقة
دون أن تصرخ،
وكيف تواسي
دون أن تُنقص من الكبرياء.

الضاد…
أمٌّ لا تشيخ،
تحمل أبناءها على اختلاف أصواتهم،
تغفر لهم حين يضلّون الطريق
ولا يضلّون الحب.
تسكنُ القرآنَ نورًا لا ينطفئ،
وتنامُ القصيدةُ بين كفّيها
لتولد من رحم الأصالة
قرارًا لا يعرف الهدوء.

في الضاد
يتحوّل النصُّ إلى موقف،
والبلاغةُ إلى مسؤولية،
والقصيدةُ إلى شاهدٍ
على ما كنّا
وما يجب أن نكون.
هي لغةُ الأوّلين،
وسراجُ الآخرين،
لغةُ من قالوا
فصار القولُ ذاكرةَ أمّة.

لغتي…
أمّي الحنون،
كلّما ضاقت صدورُنا
لجأنا إليها لنفرغ صمتنا،
وعُدنا من أحضانها
أكثر وضوحًا،
أشدّ صدقًا،
لأنها الأصل…
والأصلُ لا يموت.