الزوج والزوجة.. كل منهما يكمل الآخر
غالبًا ما يحدث تصادم غير متوقع بين زوجين حول أمر ما، فتقع قطيعة في العلاقة، ويكف كل منهما عن مخاطبة الآخر، وقد تتفاقم الأمور لتصل إلى تنافر وتشاحن واختلاف في وجهات النظر، وينعكس ذلك سلبًا على الجو العائلي، فيسري القلق والتوتر في أرجاء البيت، ولا سيما على الأبناء والبنات الذين يقعون ضحية مباشرة لهذه الخلافات.
يقف الأبناء في حيرة وتيه، فهم لا يرغبون في الانحياز لطرف على حساب الآخر، فيمسكون العصا من المنتصف، فيحاولون تهدئة الأوضاع وتقريب الآراء المتباينة، وبذل الجهد ما استطاعوا لفك الاشتباك، لعلهم يوفقون في مساعيهم.
وهنا تبرز مسؤولية الأبوين في تقديم التنازلات، وغض الطرف عن كثير من الخلافات، حفاظًا على كيان الأسرة من التشتت والضياع، وتقديم مصلحة العائلة على سائر الاعتبارات، والاحتكام إلى لغة العقل والحكمة؛ فهما مطالبان بأن يعكسا صورة أبوية واعية، يسودها التفاهم والحوار، وألا يكونا سببًا في هدم الأسرة وضياعها، خصوصًا إن كانت الخلافات لأسباب تافهة أو غير ذاتِ معنى.
وكذلك ينبغي عليهما أن يكونا قدوة وأسوة لمن حولهما في فن التعامل، والاستماع لكل من يسعى إلى الإصلاح والتوفيق بينهما، حتى ولو جاء ذلك من داخل البيت نفسه، من أبنائهما وبناتهما، أولئك الشبيبة الذين هم بيضة القُبّان، لا يقفون مع طرف ضد الآخر، بل همهم الأول زرع السكينة والاستقرار والاطمئنان.
فالأبوان هما صمام الأمان، ومتى ما صلحت الشجرة وترسخت، عاشت الأغصان وارتوت، فتثمر عن أصل ثابت لا تهزه الرياح ولا العواصف، لأنه مغروسٌ في أرضٍ صلبةٍ عميقةِ الجذور.
لذلك، ينبغي على كلا الزوجين أن ينظرا إلى الحياة الزوجية وما ينشأ عنها من خلافات، بعيدًا عن الأحلام الوردية، وأن يحاولا الاستفادة من هذه الخلافات كمدخل لحوار هادئ وبنّاءٍ، يؤسس لعلاقة أكثر متانة، ويكشف ما يجهله كل منهما عن الآخر، فكثيرًا ما تكون مثل هذه المشكلات عاملًا مهمًّا في تعزيز التفاهم، شرط حسن التعامل معها.
وقد ورد في الرواية عن الإمام الصادق
أنه قال: «لا غِنى بالزوجة فيما بينها وبين زوجها الموافق لها عن ثلاث خصال: صيانة نفسها عن كل دنس حتى يطمئن قلبه إلى الثقة بها في حال المحبوب والمكروه، وحياطته ليكون عاطفا عليها عند زلة تكون منها، وإظهار العشق له بالخلابة، والهيئة الحسنة لها في عينه».
والله الموفق.













