إدارة الموارد البشرية: بين النظرية والتطبيق
إن الممارسة العملية لإدارة الأفراد قديمة قدم الحضارات الإنسانية، ومنذ أن عرف الإنسان تكوين مجموعات العمل. فعلى سبيل المثال، عرفت الدولة الإسلامية في بداية تكوينها الكثير من الممارسات العملية لمفهوم الوظيفة العامة، وكانت الممارسة الفعلية لشغل الوظيفة العامة تتضمن مبادئ الجدارة والفاعلية. ويتجلى ذلك في الحرص على تحقيق المساواة في شغل الوظائف العامة، وضرورة توفر شروط الصلاحية لشغلها، والاهتمام بحقوق العاملين وواجباتهم وحثهم على العمل بأمانة وإخلاص.
وتعتبر إدارة الموارد البشرية من أهم العلوم التي تهتم بها المنظمات، حيث تطور هذا العلم إلى إدارة استراتيجية تهتم بالتخطيط لتحقيق الأهداف وتنفيذها، وقد ظهرت عدة نظريات بالتزامن مع تطور هذا العلم.
إن هذا العلم يقوم على مجموعة من النظريات التي تتعلق ببعضها، حيث تعنى ببعض السلوكيات الصادرة من الأفراد داخل المنظمات..
ومن أهم هذه النظريات:
1 - نظرية الحاجات الإنسانية «ماسلو»:
والتي تفسر أن للأفراد سعي في إشباع الحاجات، حيث أن هناك تسلسل هرمي
يبدأ بالحاجات الأساسية، وينتهي بالسعي لتحقيق الذات.
2 - نظرية العاملين «هيرزبرج»:
والتي تتميز بتفريقها بين العوامل المحفزة «التي تعني الإنجاز والتقدير»
والعوامل الصحية «التي تتعلق بالراتب وظروف العمل»
3 - نظرية التوقع «فروم»:
والتي تربط بين الجهد المبذول والنتائج المتوقعة، مما يساعد في تصميم أنظمة
الحوافز.
هذه الثلاث نظريات أسست لفهم متطلبات الموظف من وجهة نظره، فوجهت العديد من السياسات لتعزيز الأداء والرضا الوظيفي.
في بيئة العمل المتغيرة، رغم أهمية النظريات إلا أن التحدي الحقيقي يكمن في تطبيقها.
ومن أبرز مجالات التطبيق:
1 - الاستقطاب والاختيار:
يختار السلوكيون بوضوح مستوى السمة، والمهارة، والخصائص المطلوبة لكل وظيفة.
2 - التدريب والتطوير:
يتم تنفيذ برامج التدريب وفق نظريات التعلم والنظر في استخدام الحوافز.
3 - إدارة الأداء:
في تقييم الأداء يعتمد على نظرية العاملين.
4 - تحفيز الموظفين:
يتم تصميم أنظمة المكافآت على نظرية التوقع أو نظرية العدالة.
رغم تعدّد النظريات، إلا أن بعض المؤسسات تواجه صعوبة في التطبيق
لأسباب مختلفة ومن أبرزها:
1 - الاختلاف الثقافي والتنظيمي:
ما يصلح في بيئة ما قد لا يكون مناسباً في أخرى.
2 - توفر الموارد:
محدودية الموارد قد تعيق تنفيذ بعض السياسات النظرية.
3 - المقاومة الداخلية:
قد يكون هناك بعض المقاومة الداخلية للتغييرات.
لردم الفجوة بين النظرية والتطبيق يقترح الآتي:
1 - تکىيف النظريات مع التقاليد المحلية.
2 - تصمىم برامج تدريبية لمديري إدارات المستوى الأعلى والمستوى الأدنى حول تحويل الإلمام بالنظرية إلى ممارسات.
3 - استعمال البيانات لتقييم مدى فعالية السياسات وتعديلها في ضور النتائج.
4 - التشجيع على ابتكار استراتيجيات موارد بشرية قابلة للتكيف ومرنة.
وفي ضوء ما سبق يتضح لنا أن التوازن بين النظرية والتطبيق في إدارة الموارد البشرية لم ىكن ترفاً علمياً بقدر ما هو ضرورة استراتيجية للنجاح بعد استدامة المؤسسات في بيئة تتسم بالتغيير..
لذا كلما كانت الممارسة أقرب للنظرية كلما كان للمؤسسة قدرة على جذب الكفاءات وتحقيق أهدافها.













