آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 12:03 ص

ثقافة صلة الرحم في زمن العولمة

المهندس أمير الصالح *

يبدو أن بعض طبقات الجيل الصاعد، لا سيما ممن تملك آباءهم أموال وأرصدة أو ممن استوطن آباؤهم المدن الصناعية والتجارية الجديدة بدافع تكوين ثروة / استحصال لقمة العيش الحلال، أخذوا في الانسلال من مجتمعاتهم الأصلية وبالتالي التنكر لبعض عادات المجتمع المحمودة حيث صلة الرحم إلى حيث الهبات والترندات والانخراط التام في المجتمعات الاستهلاكية الجديدة المحيطة بهم أو الانعزال التام والاعتداد بما يملك «ترك لهم» آباؤهم من أموال وعقارات؛ وفقد ذلك البعض من الشباب بوصلة التواصل بأفراد حمولتهم وعشيرتهم وحتى بعض أفراد عائلتهم. السؤال: ما السبل المتاحة حاليًا لإعادة أو ترميم ثقافة صلة الرحم في ظل سيطرة ثقافة العولمة والانجراف البعيد عن بحور الالتزام بقيم مثل صلة الرحم.

الحوار

فبينما كان بعض الآباء في مرحلة زمنية ما يشددون على أبنائهم بالحضور معهم في المجالس؛ والحرص المستمر من الآباء على الاستجابة للدعوات والمناسبات مع جلب أبنائهم في كل مناسبة اجتماعية في مدنهم، قد يكون التنفير تسلل لقلوب البعض من الأبناء بسبب الأساليب السيئة التي استخدمها بعض الآباء أثناء جلب أبنائه كالاكراه والضرب أو الشتم أو التوبيخ أو التقريع. وبعد استقلال ذاك الشاب عن بيت والده ذو الطباع القاسية، هدم ذاك الشاب معظم أو أغلب أو كل صلات الرحم بأفراد أسرته وحمولته وعشيرته لا سيما المتواجدين في مدن ومناطق بعيدة عن مكان إقامته.

أو قد يكون الأب انعزاليًا / انطوائيًا / ينغمس بعمله بشكل مفرط أو لأسباب مختلفة كمشاكل الإرث أو الخلافات الأسرية أو مرض الغرور، فعزل نفسه وورّث ذات السلوك لأبنائه. فأضحى بيت ذاك الرجل ونسله موسومًا بسمة قطع الرحم!

كل صادق ووفي من أبناء الجيل الصاعد وما قبله مطالبون ببذل جهود لتأصيل أطر صلة الرحم بحب ووئام وبدون أي كلفة أو تنفير أو متاعب أو مشاكسة أو مساومة أو … الخ، وتجنب أي قلاقل أو مشاكل لدرء النفور النفسي بين الأطراف.

ما لا يدرك كله لا يُترك جله

إيمانًا بأن الظروف والمتغيرات طالت الجميع وعلى أكثر من صعيد، فإن التماس العذر للآخرين مع إيجاد البدائل لا بد أن يتم تفعيله ولعدة أسباب، ومنها كثرة المناسبات «أفراح وأتراح» وتباعد المسافات وتباين القدرة على تلبية مطالب المناسبات وتشابك المسؤوليات وتصاعد تكاليف الحياة. ولعل حسن استخدام تطبيق الواتس آب أو الهاتف في إثراء تواصل أفراد الحمولة أضحى بديلاً كافيًا ومحمودًا لتفادي ظاهرة انكماش / اضمحلال / قطع صلة الرحم، لا سيما من أبناء الجيل الرقمي الصاعد. قد يكون سابقًا وفي زمن الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي يستعيب البعض من أبناء ذلك الجيل وينتقد البعض تقديم التعازي والتهنئة عبر جهاز الفاكس أو البرقية؛ أما الآن فإننا نقول لأبناء الجيل الصاعد: «ما لا يدرك كله لا يُترك جله». فاتصل أو أرسل رسالة نصية أو رسالة واتس آب أو إيموجي للتعبير عن مشاركتك الوجدانية لابن عمك وعمك وخالك وابن ابن خالتك وجارك في الحي القديم وأصدقاء والدك و«لا تخجل من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل».