آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 12:03 ص

قصص نجاح التطوع وتحقيق نهضة مستدامة

باسم آل خزعل

مع انطلاق رؤية المملكة 2030، شهد القطاع التطوعي تحولاً تاريخياً جعل منه أحد أهم ركائز بناء المجتمع الحيوي، ولم يعد مجرد نشاط فردي أو مبادرات متفرقة، بل أصبح عملاً مؤسسياً يعكس وعي المجتمع ودعم القيادة الرشيدة. وقد جاء إطلاق سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز «حفظه الله» لمبادرة الوصول إلى مليون متطوع سنوياً ليضع العمل التطوعي في مساره الصحيح، ويمنح أبناء الوطن فرصة حقيقية للمساهمة في صناعة مستقبلهم.

وبوصفي أحد المتطوعين في القطاع غير الربحي وعضو مجلس إدارة لإحدى الجمعيات الأهلية بالمنطقة الشرقية منذ عام 2018، فقد لمست عن قرب حجم الأثر الذي أحدثته هذه المبادرة المباركة. فهي لم تكن مجرد هدف عددي، بل كانت حافزاً وطنياً صادقاً دفعني، ومعي آلاف المتطوعين، إلى تسخير الوقت والخبرة لخدمة المجتمع. فالتطوع اليوم بات مدرسة تنمّي المهارات القيادية والإدارية، وتوسّع آفاق الفرد وتبني له شبكة من العلاقات المهنية والاجتماعية التي تعزز دوره في محيطه.

ومن ثمار هذا التمكين الوطني، تمكّنا بفضل الله نحن فريق المتطوعين في محافظة القطيف من تحقيق إنجاز نفخر به، حيث سجلنا 7700 ساعة تطوعية أهلتنا لنيل المركز الأول على مستوى المحافظة. وإن كان هذا الإنجاز يحمل أسماءنا، فإنه في جوهره يُسجّل لقيادة وضعت الثقة في الشباب، وهيّأت بيئة محفزة جعلت العمل التطوعي ثقافة مستدامة لا مجرد مبادرة عابرة.

وقد لعبت المنصة الوطنية للعمل التطوعي دوراً محورياً في تنظيم وتسريع هذه النقلة النوعية، فهي أداة تمكين حديثة أتاحت فرصاً متعددة تغطي مختلف الاهتمامات، وأسهمت في رفع الاحترافية، وضمان توثيق الساعات وتعزيز جودة المبادرات. كما برزت برامج نوعية مثل التطوع لخدمة ضيوف الرحمن، والمبادرات البيئية، والعمل الاجتماعي ضمن الجمعيات الأهلية، لتوسع آفاق التطوع وتمنحه بُعداً تنموياً أكثر اتساعاً.

ورغم ما تحقق، فإن الطريق ما زال مليئاً بالفرص والتحديات؛ من أهمها نشر ثقافة التطوع لدى فئات أوسع، وتوسيع نطاق البرامج المنظمة، وتعزيز التدريب والتأهيل لبناء جيل محترف من المتطوعين قادر على الإسهام في اقتصاد المعرفة وصناعة مستقبل هذا الوطن.

إن مستقبل التطوع في المملكة مستقبلٌ مشرق وواعد، وإذا استمرت هذه النهضة بقيادة حكيمة ورؤية واعية، فسيصبح العمل التطوعي أحد أعمدة النهضة الاجتماعية والاقتصادية، ومنارة تعكس قيم التكافل والإنسانية التي رسّختها شريعتنا، ويسهم بإذن الله في تحقيق مستهدفات رؤية 2030 التي تتخذ من الإنسان محوراً للتنمية وصناعة الغد.