آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 12:03 ص

الإدارة المرنة… بيئة محفزة للإبداع والانتماء

الدكتورة رشا الزمامي *

تُعد الإدارة المدرسية المرنة ركيزة أساسية في بناء بيئة عمل محفزة على الإبداع والتميز، فهي الإدارة التي تحتوي موظفيها، وتُقدّر جهودهم، وتُهيّئ لهم مناخًا مهنيًا مريحًا يحقق الاستقرار الوظيفي، ويعزز الانتماء للمؤسسة التعليمية.

قال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران: 159].

ففي هذا التوجيه الإلهي أعظمُ درسٍ في فن القيادة، إذ تُبنى الإدارة الناجحة على اللِّين في المعاملة والعدل في القرار، فالقيادة الرشيدة تقوم على الرفق والحزم في آنٍ واحد؛ توازن بين الرحمة والانضباط، فتحقق العدالة، وتبني الثقة المتبادلة بين أفراد منظومتها، مما يجعل بيئة العمل أكثر استقرارًا وتحفيزًا للإبداع.

فعندما تُقدّر المديرة جهود موظفاتها وتشكر إنجازاتهن، كما في حال معلمة تميّزت في تفعيل التقنية داخل الصفوف من خلال استخدام منصة تعليمية ذكية أو برنامج تفاعلي جديد مثل ”Classroom Pro“ أو أي برنامج مشابه يسهّل متابعة الطلاب ويطور مهاراتهم الرقمية، فتم تكريمها أمام زميلاتها، فإن ذلك يُشعل في نفوس الجميع دافعًا للإبداع والانتماء. وفي المقابل، حين تُطبّق الأنظمة بعدل على الجميع دون استثناء، يشعر كل فرد بأن حقوقه مصونة ومسؤوليته واضحة.

إنّ مثل هذه البيئة القيادية تصنع من موظفاتها شريكات في النجاح لا مجرد منفذات للأوامر، فتتحول المدرسة إلى خلية عمل نابضة بالإبداع، وتُحفّز على الولاء والانتماء، وتسهم في تطوير الأداء التعليمي. كما أن الإدارة المرنة العادلة لا تحقق الانضباط فحسب، بل تُحوّل المدرسة إلى بيئة جاذبة تُخرج قادة المستقبل، وتدعم بناء جيل واعٍ يرفع راية الوطن، بما يتوافق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في التعليم التي تؤكد على التمكين، والابتكار، وبناء الإنسان القائد المتطور، وصولًا إلى تعليم نوعي يُنافس عالميًا ويُثمر أجيالًا مبدعة.

ختامًا:

إنّ تحقيق بيئة عمل مرنة ومحفزة للإبداع يُعد مسؤولية مشتركة بين القيادة المدرسية وجميع منسوبات المدرسة؛ فكلما اتسعت دائرة المشاركة والاحترام والثقة، ارتفع مستوى الأداء وازدهرت المدرسة في مخرجاتها التعليمية والتربوية. ومن هذا المنطلق، تأتي أهمية ترسيخ ثقافة القيادة المرنة، وتشجيع روح الفريق الواحد، وتفعيل مبادرات التطوير المستمرة، بما يحقق تطلعات رؤية المملكة 2030 نحو تعليم مبتكر يصنع أجيالاً مبدعة ووطنًا متقدّمًا.

فالإدارة التي تحتوي موظفيها، وتمنحهم الثقة، وتُشجع على الإبداع مع الالتزام بالأنظمة، تُسهم في تحقيق التميز المؤسسي، وتُرسخ الانتماء الوظيفي، لتصبح المدرسة بيئة جاذبة للإبداع، وميدانًا يُخرّج قادة المستقبل.