آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 12:03 ص

جريش.. ابتسامة عالمية

رائدة السبع * صحيفة اليوم

وسط البروتوكولات والأضواء، ظهرت كلمة واحدة كأنها تجربة اجتماعية حيّة: ماذا لو اختبرت الهوية قدرتها على كسر الجدية؟ «جريش» فعلت ذلك بلا مقدمات.

في لحظة عابرة أمام عدسات التصوير في واشنطن، قرر وزير الطاقة سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان استبدال كلمة «Cheese» بكلمة سعودية خالصة: جريش. لم تتطلب اللحظة أكثر من ثانية لتتحول الصورة الرسمية إلى مساحة مفعمة بالدفء. تلك الابتسامة لم تكن صدفة، بل علامة على حضور الهوية في أكثر المشاهد دبلوماسية.

تشير دراسات علم نفس السعادة إلى أن الدعابة المشتركة، خصوصًا عندما تحمل جذورًا ثقافية، تعزز شعور الارتباط والراحة بين الأفراد بنسبة تصل إلى 30%. الكلمة البسيطة صارت جسرًا إنسانيًا بين ثقافتين، وأثبتت أن الرموز الصغيرة قد تصنع أثرًا يفوق الخطابات الطويلة.

وهنا يظهر جوهر القيادة المعاصرة: ان يكون قادراً على المزاح حين يناسب الموقف، وعلى الجدية حين يستلزم السياق. روح الدعابة لا تعني خفة، بل قدرة على التواصل الذكي، والتحفيز، والتعامل مع المواقف بتوازن داخلي.

القائد الحقيقي يمتلك إدارة حكيمة ترتكز على بصيرة وشفافية وأخلاق، ومعرفة تخصصية تتقاطع مع اطلاع عام واسع، تمكنه من قراءة المشهد بدقة والتعامل مع الأزمات بثبات.

هذه الصفات المتكاملة تمنح القائد القدرة على التخطيط الواضح، استخدام الذكاء العاطفي، بناء العلاقات الاستراتيجية، تشكيل فرق عمل تعتمد على فهم نقاط القوة والضعف، والتكيف مع المتغيرات وتشجيع الآخرين. حين تتضافر هذه القدرات مع روح مرح خفيف، يصبح المشهد أكثر إنسانية، والأثر أكثر عمقًا.

ولعل تلك اللمحة التي وُلدت فيها جريش في قلب واشنطن تُذكّر بأن القيادة ليست مجرد قرارات، بل حضور واثق يعرف كيف يقدّم ثقافته بلا مبالغة أو تحفظ. حضور يُجسّد رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وطموحه الواسع.

ختامًا، بقيت كلمة «جريش» كهمس ثقافي يربط قارتين، يذكّرنا أن القيادة ليست مجرد قرارات، بل لحظات صغيرة تصنع انطباعًا خالدًا.