آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 9:11 ص

لا تلاعب بعد اليوم بأسماء المناطق.. السجن والغرامة لمن يبيع الوهم للمستهلكين

جهات الإخبارية

أقرت الهيئة السعودية للملكية الفكرية رسميًا نظام حماية المؤشرات الجغرافية، في خطوة استراتيجية تهدف إلى خلق مظلة تشريعية شاملة تصون أسماء المنتجات المرتبطة ببيئتها الجغرافية.

وتتصدى الهيئة بحزم للممارسات المضللة التي تستنزف القيمة السوقية للمنتجات الوطنية، محددة عقوبات رادعة ومسارًا زمنيًا للتطبيق يبدأ بعد 180 يومًا من النشر.

ويُشكل النظام الجديد حجر زاوية في منظومة الملكية الفكرية بالمملكة، إذ يوفر حماية قانونية دقيقة للمؤشرات الجغرافية الوطنية المسجلة، ويمد مظلته لتشمل المؤشرات الأجنبية المعترف بها في دول المنشأ، وتلك المحمية بموجب الاتفاقيات الدولية، مما يعزز موثوقية السوق السعودي محليًا وعالميًا.

وتستهدف مواد النظام بشكل مباشر حماية المستهلك من الوقوع ضحية للخداع بشأن مصدر المنتجات، حيث تحظر المادة الثالثة أي استغلال غير مصرح به لأسماء المناطق، قاطعة الطريق أمام محاولات تقليد المنتجات التي اكتسبت سمعتها من طبيعة أرضها أو مهارة أبنائها.

وتعتزم الهيئة إنشاء سجل وطني شامل ومحدث للمؤشرات الجغرافية، يكون بمثابة المرجع الموثوق لكافة الجهات الحكومية والمستثمرين والمستهلكين، متضمنًا كافة التفاصيل الفنية للمؤشرات ومكوناتها وحالاتها القانونية لضمان أعلى درجات الشفافية.

واشترط النظام لتسجيل أي مؤشر جغرافي وجود صلة وثيقة ومثبتة بين المنتج والمنطقة الجغرافية، سواء كانت هذه الصلة نابعة من عوامل طبيعية أو بشرية، مع ضرورة تقديم ”دليل استعمال“ دقيق يوضح خصائص المنتج وآلية إنتاجه ومكان تصنيعه لضمان الالتزام بالمعايير.

وفي سابقة تنظيمية تعكس الحرص على المصلحة العامة، منحت المادة العاشرة الهيئة صلاحية استثنائية لتسجيل المؤشرات الجغرافية الوطنية من تلقاء نفسها، حمايةً للمنتجات ذات الشهرة الواسعة من الاندثار أو الاستغلال، حتى في حال عدم تقدم المنتجين بطلب التسجيل.

يُرسخ النظام مبدأ ”الحق الجماعي“، حيث أكدت المادة الثانية عشرة أن تسجيل المؤشر لا يمنح احتكارًا لشخص بعينه، بل هو حق متاح لكافة المنتجين العاملين داخل النطاق الجغرافي المحدد، شريطة التزامهم الصارم بالمعايير والمواصفات المعتمدة في دليل الاستعمال.

ولضمان العدالة، كفل النظام حق التظلم أمام لجنة مستقلة خلال 60 يومًا لأي طرف يتم رفض طلبه، مع إتاحة المجال للطعن أمام المحاكم المختصة، مما يضمن وجود مسار قضائي واضح يحفظ حقوق الجميع.

وتمتد فترة الحماية للمؤشر المسجل إلى عشر سنوات قابلة للتجديد، مما يمنح المنتجين استقرارًا طويل الأمد يشجع على الاستثمار في جودة المنتجات، بينما تملك المحكمة صلاحية شطب المؤشر إذا ثبت تسجيله بناءً على غش أو إذا فقد شروطه الأساسية.

وفيما يخص الرقابة، خول النظام مفتشين مختصين صفة الضبطية القضائية لتعقب المخالفات، وألزم الجهات المعنية بالتعاون التام معهم، فيما تتولى النيابة العامة التحقيق والادعاء، وتفصل المحاكم المختصة في القضايا لضمان إنفاذ القانون بفعالية.

ومنحت اللوائح المحاكم صلاحية إصدار أوامر تحفظية عاجلة تشمل حجز المنتجات المخالفة ومنع دخولها للأسواق، مع القدرة على الوقف الفوري لأي ممارسات تعديًا، مما يوفر استجابة سريعة تحول دون تفاقم الضرر على المنتجين الأصليين.

وتضمنت المادة الحادية والعشرون الفصل الأكثر حزمًا، حيث أقرت عقوبات تصل إلى السجن لمدة ثلاث سنوات وغرامات مالية تبلغ مليون ريال، أو بإحدى العقوبتين، لكل من يسيء استخدام المؤشرات الجغرافية أو يمارس أعمالًا تضليلية.

ولم يكتفِ المشرع بذلك، بل نص على مضاعفة العقوبة في حال تكرار المخالفة، لتصل إلى إغلاق المنشأة لمدة ستة أشهر، مع نشر منطوق الحكم في الصحف المحلية على نفقة المخالف، ليكون عبرة ورادعًا لكل من تسول له نفسه التلاعب بهوية المنتجات.

وتلزم الهيئة بنشر قائمة دورية مجانية بالمؤشرات المحمية لتمكين الجمهور من التحقق، في حين يُنتظر أن يدخل النظام حيز التنفيذ الفعلي بعد ستة أشهر، مانحًا كافة الأطراف مهلة كافية لتصحيح الأوضاع والاستعداد لمرحلة جديدة من الانضباط التجاري.