نظام حماية الطفل يؤكد على ضرورة إبعاد الأطفال عن المشاكل الأسرية والحفاظ على نفسيتهم
قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: الآية 21].
الزواج والأسرة هما اللبنة الأساسية للمجتمع، وأولى خطواته وما يسير عليه من نهج؛ فإنَّ استقرارَ النظام الأسري هو أبرز ما تطمح إليه المجتمعات - وما يطمح إليه المجتمع القطيفي بالأخص - ليصلَ المجتمع إلى أقصى مراحل الإنتاج والإبداع؛ لوجود الأطفال في بيئة صحية واعية ومحفزة. وهو المبدأ الذي أكّد عليه الشرع والقانون، معززين ضرورة تلاحم الأسرة وحماية الطفل من الإيذاء والإهمال حتى في أوقات الخلاف والانفصال؛ لأن مرحلة الطفولة هي أهم فترة، وما يُبنى لاحقًا يكون نتاجها وراسخًا في ذهن الطفل، ويكون الفرد فيها في أضعف مراحله، ويحتاج إلى الرعاية والاهتمام المتلازمين.
فما وصل إلى محاكم الأحوال الشخصية والجنائية في الآونة الأخيرة من مشاكل الزواج، وما تبعها من حضانة واستخدام الأطفال كوسيلة للضغط - مدمِّرين بذلك الطفل من الناحية النفسية والاجتماعية - يكاد يكون ظاهرةً سابقةً لعصرها، ناتجةً عن قلة الوعي من كِلا الوالدين والمجتمع بخطورة الوضع ابتداءً على الطفل والأبوين ثم المجتمع. ولا سيما لو كان النظام جزءًا من العملية التنظيمية؛ فيُفترض أن يكون الرادع لا المحفز.
وما ينتج عن هذه المشاكل من إهمالٍ وعنفٍ وإقصاء يخلّف نتائج لا تُحمد عقباها؛ سواء من ناحية قانونية بتحمل المخالف للنظام نتائج مخالفته، أو من ناحية مجتمعية بفساد الطفل وتكوينه أسرةً هشةً. فضرورة الحفاظ على العائلة نابِعَةٌ من أهميتها، ولعل خير مثال يُحتذى به هو ما حدث في واقعة الطف المجسِّدة لأسمى مراحل التلاحم الأسري؛ فلو كان الأب غير صالح أو مهملًا، هل يُعقل أن يتهافت أبناؤه واحدًا تلو الآخر قبله؟
ولا يُتصوَّر قيام هذه الأسرة على النهج الصحيح الواضح دون أن يكون أساسها صحيحًا، ويرجع إلى الأسرة النبوية التي كفلت للعائلة حق الحياة الكريمة السوية، والتي ينبغي على الفرد أن يضعها نصب عينيه قبل تكوين الأسرة وعند احتدام الخلافات، وارتفاع الأصوات وصولًا إلى مرحلة الإنجاب. ولا يعني أن يطمح المجتمع إلى أسرة مستقرة عدم وجود المشاكل، بل ينبغي أن تُحل المشاكل بطريقة واعية هادئة، دون إغفال أهمية ما نصّ عليه الدين والمشرّع، واستشارة أهل الخبرة من قانونيين وتربويين عند الحاجة.
فما وجد المجتمع إلا ليساند بعضه البعض في أشد مراحل ضعفه، وما ينبغي على مجتمعنا إلا الرجوع إلى أسسه ورادعهم الديني والمجتمعي والتلاحم؛ لبناء أسر يُحتذى بها ويُضرب المثل بها لحسن تربيتها وزينة نماذجها.













