عن عزيزي ابن عباس أحدثكم
لا تمتلك وأنت تسمع بخبر وفاة الشيخ حميد عباس - رحمه الله - «1382- 1447 هـ» إلا أن تسافر بين صور الماضي وتتخيل كيف أن هذه الابتسامة المشرقة غابت وانطفأ نورها.
تعرفت على الشيخ رحمه الله منذ منتصف الثمانينات الميلادية، حيث كنت مسافرا إلى سوريا لزيارة السيدة زينب برفقة والديّ رحمهما الله، وكان يرافقنا في الحافلة أحد اخوانه لعله «علي».
وقد التقيتهما معًا في الحرم وبدأت المعرفة، وكان القرب يزداد كل يوم.
ثلاث لوازم لفظية تزينها ابتسامته الرقيقة وقد تميز بهن:
كان يستقبلني بابتسامة ويخاطبني بكلمة حنونة: «عزيزي».
وكان إذا مازحته يقول: غربلك الله.
والثالثة؛ كان يقول: اسمع كلام ابن عباس، يعني كلامه.
من المواقف اللطيفة التي لا أنساها أنني كنت أعمل في مؤسسة الحاج عبدالله العباس، وذات مساء رأيت الشيخ يدخل من باب المؤسسة «المفروشات - الفردوس» فتقدمت وسلمت عليه وهمست له: وصوا بنا قبلٍ ترحلون.
فابتسم وقال: غربلك الله، الحجي يحبك زي ولده.
لم يكتف رحمه الله بالدراسة الحوزوية التي بدأها في حوزة القائم بطهران منذ عام 1400 هـ، فاستزاد من نبع المعرفة بالدراسة الاكاديمية ونال درجة الماجستير في التاريخ الإسلامي من الجامعة الإسلامية العالمية عام 1429 هـ، وأصدر رسالته ككتاب مطبوع بعنوان: المختار بن أبي عبيد الله الثقفي.. دراسة تحليلة.
الدراسة الأكاديمية ساعدته في تبليغ رسالته، وضاعفت دوره التبليغي فتجاوز دوره المحلي، وواصل محاضراته وارشاداته في عدة مدن حول العالم.
أمضى معظم عمره بين أهله خطيبًا وإمامَ جماعة لمسجد أم البنين في سيهات، وقبلها مسجد القاسم بن الحسن، ومرشدًا للحجاج، كما أنه رحمه الله ساهم في تأسيس مهرجان الزواج الجماعي بمدينة سيهات منذ بدايته عام 1421 هـ، وذهب إلى ربه رايته بيضاء ويده سخية، وذكريات يسجلها التاريخ.
رحمك الله يا أبا محمد فقد كنت مثالًا للعالم المتواضع المحب، الباذل في سبيل مجتمعه كل ما يملك.













