آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 9:11 ص

التواصل في عالم التواصل

المهندس أمير الصالح *

مقدمة

في أيامنا المعاصرة ليس بالعجيب أن نرى ونسمع بأن البعض، لا سيما المراهقين؛ شبابًا وشيبًا، يتواصل مع أصدقاء في أقصى بقاع الأرض «اليابان - الولايات المتحدة - أستراليا - المغرب - تايلاند - الخليج العربي» بسبب لعبة إلكترونية مشتركة أو شات، ولكن العجيب حقًا أن ينعدم التواصل داخل البيت الواحد بين بعض أفراد العائلة الواحدة؛ وإن كانوا يعيشون تحت سقف واحد أو في مدينة واحدة أو دولة واحدة. لن أكتب عن أسباب تكلّس العلاقات بين بعض أفراد الأسر لكثرتها وتنوع أسبابها التي قد تبدأ من خلاف بسيط في وجهات النظر وتتخطى خلافًا على ميراث، مرورًا بمفاضلات انحيازية للوالدين نحو بعض الأبناء، أو تفاوت في مستوى اللباقة، أو اختلاف في جزئيات فكرية حول بعض صغائر الأمور، أو عدم تلقي أحدهم دعوة لوليمة/لزفاف من الآخر، أو خلاف بعد عقد قرآن، أو تبعات طلاق وخلافات شؤون حضانة أسرية، أو سوء تفاهم، أو عراك على محل مواقف سيارات. ولكن سأتطرق إلى عجالة لمقترحات تحسين التواصل الأسري بين أفراد الأسر علّنا نشعل شمعة ونغرس بذرة خير بدل الاستماع لقصص الحطام وتقصي أسباب الأطلال.

النقاش

عندما يكون الإنسان المثابر راضٍ عن علاقته الأسرية فإنه سيسعى لِإحراز مستوى أعلى ويحقق مستوى يلامس «راضٍ جدًا». وتمتد انعكاسات ذلك الحال من الجوار في المكان والزمان. فقديمًا قيل: للبقاع تأثير على الطباع. ولكن عندما يكون الإنسان المهتم غير راضٍ فإن ذلك يُحرك فيه البحث عن المحاور المهمة لتحسين العلاقة ولغة التفاهم داخل الأسرة «الحمولة» الواحدة. التواصل الفعال حتمًا هو الأداة الأقوى لإحراز ذلك التحسّن المنشود، إلا أن البعض يتعذّر عن تفعيل خاصية التواصل الفعال بأعذار مختلفة مثل:

1. نقص الوقت والتوزع الجغرافي لِأفراد الأسرة

2. كثرة الأعمال أو متطلبات الوظيفة المنهكة

3. القلق على المستقبل في ظل اضطراب سوق الوظائف

4. الاكتفاء بالتواصل عبر التكنولوجيا «ذبول المشاعر عبر الوقت»

5. كثرة الاستفزازات والمشاكسات والمناكفات والمزح الهابط من قبل البعض ضد البعض الآخر

6. تكرار طرح ذات المواضيع يجعل اللقاءات الأسرية شبه جوفاء، باردة، أو أسطوانة مشروخة

7. اجترارُ مشاكل الخلافات حتى القديمة منها عند أي اجتماع أسري

8. التحزّب في التفاعل والتداخل

9. فقدان مهارة وفنون التواصل الفعال «فاقد الشيء لا يعطيه»

10. انطوائيّ السلوك

حلول مقترحة

تفعيل لغة المودّة والاحترام ركيزة أساسية للتودد للآخرين واكتساب قلوبهم؛ وكذلك قضاء وقت ممتع ومشترك ومفعم بالأنشطة المريحة يجعل الأنفس أقرب للوداعة والألفة والإنسانية. عند تهيئة الأرضيات الصالحة والقلوب الصافية يكون الحوار مجدِيًا والنتائج مرضية ولو جزئيًا، والتواصل فعال. حتمًا هناك آلياتٌ عدة وبرامج مختلفة تُفَعّل تلك الحلول. فما يميز المثابرين في كل أسرة «مجتمع» أنّهم يبذلون قصارى جهدهم في تشخيص الأمور بموضوعية وانتقاء المعالجات الناجعة وتفعيل الحلول دون انحيازية تفضيلية، والحفاظ على مسافة متساوية من الجميع. فَإن الأمور الطيبة يقودها رجال أوفياء / نساء أوفياء:

﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ [الرعد: الآية 7].