آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 9:11 ص

أطفالنا.. مخلوقات من نور

باسم آل خزعل

في يوم الطفل العالمي، نقترب من عالم صغير في حجمه عظيم في جوهره. عالم تحرسه الملائكة، وتتناثر فيه البراءة كحبات ضوء، تلمع على وجوهٍ خُلقت نقية، طاهرة، صافية كالمطر. الطفل حين يولد، يولد على هيئة دهشة بيضاء روح بلا شائبة، قلب لا يعرف حقدا، ونفس لا تسكنها إلا السكينة التي فطر الله بها الأرواح قبل اختلاطها بتفاصيل العالم.

عيون الأطفال تشبه نوافذ السماء يطل منها الجمال، وتنبعث منها ابتسامة لا تشبه أي ابتسامة أخرى فيها من الطهر ما يعيد ترتيب فوضانا، وفيها من الأمان ما يشبه حضن وطنن لا يخيب. وما إن يتعالى ضحكاتهم الجميلة، حتى يمتلئ المكان بفرح مبهج، كأن الضوء نفسه يصفّق لهم.

وما ان يكتمل طفل عامه الثاني، يبدأ الكون بالتحدث على لسانه. ينطق الحروف كأنها نغمات آلة موسيقية جديدة صُنعت بإعجاز. يكرر الأصوات من حوله، يقلّد الكبار والصغار، ويختزن العالم في ذاكرته الصغيرة ليرسم بشخصيته القادمة.

فالطفل مرآة بيئته يتأثر بلطفها كما يتأثر بقسوتها، ويزهر حين يُروى بالحب.

إن الطفل معجزة الحياة يحمل طاقة إيجابية لا تعرف الانطفاء، وسلوكًا سلميًا فطريًا لا يتلوّث إلا بما نزرعه نحن فيه. حتى الحيوانات اللطيفة تدنو منه بطمأنينة، وكأن فطرته الجميلة لغة يتقن فهمها كل مخلوق.

يوم الطفل العالمي ليس احتفالًا، بل مسؤولية إجتماعية

يتجلى مفهوم يوم الطفل العالمي في أبسط حقوقهم بأن يعيشوا حياة آمنة، بلا عنف ولا خوف. أن يُعتنى بصحتهم قبل أن يتعبوا. أن يُمنحوا التعليم منذ بدايات وعيهم ليكبروا على معرفة، لا على تشتت. أن تُنشأ لهم بيئة سليمة تُزهر فيها مواهبهم، وتشتد فيها جذور أحلامهم. أن نتعامل معهم كرسالةٍ إلهية، وأن نربّيهم على الفطرة الصافية، على الأخلاق الإسلامية التي تحفظ كيانهم، وتزرع فيهم قيم العدل والرحمة والواجب.

فالطفل هو الجيل الذي سيحمل الوطن على كتفيه وهو القائد الذي لم يتشكل بعد، والوعي الذي لم يُكتب بعد، والأمل الذي يعيد كل شيء إلى مكانه الصحيح.

لنسعَ لأن يكون أطفالنا أمانةوأيقونة حياة فلنمنحهم حبًا يكفي لقول ”أنا بخير“، ”أنا سعيد“

ولنحطّهم برعاية تستحقها أرواح خُلقت لتزهر. ولنكتب بهم مستقبلًا يليق بقلوبهم البيضاء.

في يوم الطفل العالمي لِنحتفل بضحكتهم، ونحمي براءتهم، ونصنع لهم غدًا يليق بأن يكونوا قادته.