آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 11:18 ص

«حارس الذاكرة» في القطيف.. 25 عاماً من توثيق التراث الخشبي في مجسمات «محمولة»

جهات الإخبارية انتصار آل تريك - القطيف

وثّق الحرفي محمد مغيص، مسيرة امتدت لأكثر من ربع قرن في تحويل التراث العمراني للمنطقة الشرقية إلى أيقونات فنية ملموسة.

ونجح مغيص في ابتكار أسلوب خاص يعتمد على تحويل صور البيوت التراثية الضخمة - التي طالتها التوسعة العمرانية - إلى مجسمات خشبية مصغرة وعالية الدقة يمكن حملها باليد، لضمان بقاء تفاصيلها حية في ذاكرة الأجيال.

جاء ذلك خلال مشاركته في فعالية ”منتجون“ للأسر المنتجة، التي نظمتها جمعية القطيف الخيرية بالشراكة مع مكتب الضمان الاجتماعي في حي البحر، والتي شهدت تجمعاً حرفياً كبيراً ضم 33 حرفياً وحرفية من أبناء المحافظة، تنافسوا في عرض إبداعاتهم اليدوية التي تمزج بين عبق الماضي ومهارات الحاضر.

وسرد مغيص تفاصيل رحلته التي انطلقت منذ كان في السادسة عشرة من عمره، متأثراً بحرف الآباء والأجداد كالصفار والفخار، قبل أن يتخصص في صناعة الواجهات الخشبية والمباخر.

واستند إلى تتلمذه على يد رواد الحرفة في المنطقة مثل مجيد الدار وجاسم آل جعفر، ليستكمل مسيرة الحفاظ على الهوية العمرانية لمناطق عريقة مثل ”البحاري“.

وكشف الحرفي عن انضمام ابنه للعمل معه منذ ما يقارب سبع سنوات، حيث بدأ بتعلم فنون التنجيم التقليدي للصناديق، وتطور ليصبح مساعداً أساسياً في التوثيق الميداني وتصوير المباني واقتراح الأفكار التطويرية للمجسمات، في مشهد يجسد تواصل الأجيال للحفاظ على الموروث.

واستعرض مغيص التحديات الفنية التي تواجه عمله، موضحاً أن دقة التفاصيل تفرض استخدام خامات محددة كحجر البحر وأقمشة الستائر ودجاج الزينة لمحاكاة الواقع، مما يرفع قيمة القطعة الواحدة.

وقال يصل سعر ”البيت الكبير“ إلى 2000 ريال، وهو ما يشكل تحدياً تسويقياً نظراً لارتفاع التكلفة اليدوية مقارنة بالقدرة الشرائية في السوق المحلي.

وعن المحاولات التسويقية لتجاوز محدودية السوق، أبان أنه خاض تجارب فردية لعرض أعماله خارج النطاق الجغرافي المعتاد، شملت العاصمة الرياض وحتى كندا، إلا أنها كانت بجهود ونفقات شخصية وبكميات محدودة، مما يبرز الحاجة الماسة لدعم لوجستي وتسويقي ينقل هذه الحرف من المحلية إلى آفاق أوسع.

واختتم الحرفي حديثه بأمنية ملحة بفتح قنوات توزيع أوسع تشمل سلاسل السوبر ماركت الكبرى والمهرجانات الوطنية في القصيم والرياض ومختلف المناطق، لضمان عدم بقاء هذه التحف الفنية حبيسة المستودعات، وليتعرف الجمهور السعودي الواسع على جماليات العمارة القطيفية القديمة.