آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 3:54 م

حراك تشكيلي في العوامية يعيد صياغة الهوية البصرية بلونين فقط

جهات الإخبارية تصوير: حسن الخلف - القطيف

يشهد مشروع الرامس بوسط العوامية في محافظة القطيف حراكاً فنياً نوعياً يعيد تشكيل المشهد الثقافي المحلي، حيث تحولت صالة ”أجدان“ الثقافية إلى منصة إبداعية تروي حكايات الهوية والتراث عبر ثنائية ”الأبيض والأسود“.

ويأتي هذا الحراك من خلال النسخة الرابعة للمعرض التشكيلي الذي نجح في استقطاب نحو أربعين فناناً وفنانة، قبلوا تحدي التخلي عن صخب الألوان لإبراز الجوهر البصري للموروث الشعبي والحياة المعاصرة.

ويعكس المعرض، الذي دشنه الفنان القدير منير الحجي، نضج التجربة الفنية في المنطقة، إذ لم يعد الاقتصار على الألوان المحايدة مجرد خيار تقني، بل تحول إلى فلسفة بصرية تهدف إلى توثيق العلاقة بين الإنسان ومحيطه.

وفي سياق استلهام الهوية، قدم الفنانون المشاركون رؤى متباينة مزجت بين الواقعية والتجريد، حيث أوضحت سعاد اوخيك، نائبة رئيس جماعة الفن التشكيلي، أن فلسفة المعرض ارتكزت على استثمار دلالات الأبيض والأسود والرمادي لربط الماضي بالحاضر.

وتنوعت الأعمال لتشمل مدارس فنية متعددة، وظف خلالها المبدعون خامات الزيت والأكريليك والفحم والخشب، ليثبتوا أن الحياد اللوني قادر على حمل شحنات عاطفية وتعبيرية تلامس وجدان المتلقي.

وتجسدت هذه الرؤية بوضوح في تجربة الفنانة فاطمة المسلم، التي أعادت بناء عوالمها الخاصة عبر دمج عناصر البيئة البحرية وصناعة الفخار التقليدية مع شموخ الخيل وتفاصيل البيوت القديمة.

وأشارت إلى إنها استخدمت تقنيات الخلط بين الخامات لإبراز ملامس الأسطح وتأكيد الهوية التراثية التي لا تزال حاضرة في الذاكرة الجمعية، مما منح أعمالها بعداً توثيقياً بلغة فنية معاصرة.

وقدمت الفنانة عفيفة الراشد عملاً رمزياً وظفت فيه تدرجات الأكريليك والمعاجين لتشكيل مجسات أخطبوط، في إشارة فلسفية إلى ثنائية الخير والشر داخل الإنسان.

وركزت الفنانة رقية الصناع على جماليات الزخرفة والملامس الدقيقة عبر تقنيات الطباعة.

في حين كشفت الفنانة بتول العوامي عن جماليات الطبيعة الصامتة عبر عمل أنجزته في وقت قياسي، مؤكدة أن العمل ضمن النطاق اللوني المحدود يمنح الفنان قدرة أكبر على التركيز على الضوء والظل.

واكتسب هذا الحراك بعداً إقليمياً بشهادة نقاد من دول الخليج، حيث أشار الدكتور كامل الجمري، رئيس لجنة نسيج الفن بمملكة البحرين، إلى أن المعرض يمثل نقلة نوعية مقارنة بنسخته السابقة.

وأشاد بقدرة الفنانين في محافظة القطيف على تطويع اللونين الأبيض والأسود لإنتاج أعمال ذات قيمة فنية عالية، مما يؤكد أن المنطقة باتت مركز جذب للفنون البصرية وحاضنة للمواهب المتجددة.

ويستمر هذا التظاهرة الفنية في استقبال زوارها حتى السابع عشر من نوفمبر الجاري، فاتحة أبوابها يومياً لعشاق الفن لاستكشاف كيف يمكن للونين فقط أن يعيدا رسم ملامح الهوية، ويوثقا مرحلة هامة من مراحل التطور الثقافي والفني الذي تشهده المنطقة.