آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 12:03 ص

صحة الرجل في نوفمبر.. مسؤولية لا يمكن تأجيلها

دكتورة لمياء عبدالمحسن البراهيم * صحيفة اليوم

شهر نوفمبر ليس مجرد موسم لزراعة الشوارب الرمزية أو لفت الانتباه بوسم «Movember» بل دعوة حقيقية ليتوقف الرجال قليلاً أمام صحتهم. تخصيص شهر لصحة الرجل لم يأتِ من فراغ؛ فالإحصاءات العالمية تُظهر أن متوسط عمر الرجال أقل من النساء، وأنهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة وأقل التزاماً بالفحص الدوري.

تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن معظم مسببات الوفاة لدى الرجال يمكن الوقاية منها بتغيير نمط الحياة والالتزام بالفحوصات الدورية. وتشمل توصياتها خمس خطوات بسيطة: الفحص المنتظم، التغذية المتوازنة، النشاط البدني، تجنّب التدخين والكحول، والانتباه للصحة النفسية.

هذه الخطوات، وإن بدت بديهية، إلا أنها تصنع فارقاً في جودة حياة الرجل وعمره الإنتاجي.

بحسب توصيات منظمة الصحة العالمية، وهيئة «وقاية»، ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها «CDC»، فإن أولويات صحة الرجل يمكن تلخيصها في المحاور التالية:

1. الفحوصات الوقائية:

الفحص السنوي ليس ترفاً، بل روتيناً أساسياً. يجب قياس ضغط الدم، ومستوى السكر الصائم، والكوليسترول، ووظائف الكبد والكلى، ومؤشر كتلة الجسم. هذه المؤشرات المبكرة تساعد في كشف أمراض القلب والسكري قبل تفاقمها.

2. الفحوصات الخاصة بالرجال:

• فحص البروستاتا بالدم «PSA»: يُنصح به بعد سن الخمسين، أو قبل ذلك عند وجود تاريخ عائلي.

فحص سرطان القولون: متاح عبر فحص البراز للكشف عن الدم الخفي، ويُوصى به من سن 45 إلى 75 عاماً.

فحص الرئة للمدخنين: في حال كان الشخص مدخناً حالياً أو سابقاً لمدة تزيد عن 20 سنة، يُنصح باستشارة الطبيب حول جدوى الفحص بالأشعة المقطعية منخفضة الجرعة للكشف المبكر عن سرطان الرئة.

3. نمط الحياة الصحي:

توصي منظمة الصحة العالمية بممارسة ما لا يقل عن 150 دقيقة من النشاط البدني المتوسط أسبوعياً، وتناول الغذاء الغني بالخضروات والفواكه، وتقليل الدهون والسكريات.

ويظل الإقلاع عن التدخين القرار الأكثر تأثيراً في خفض الوفيات بين الرجال، وفق تقارير ال»CDC».

4. الصحة النفسية:

الرجال أكثر عرضة لكبت القلق والاكتئاب وتأخير طلب المساعدة، ما يؤدي إلى مضاعفات جسدية ونفسية خطيرة.

الاهتمام بالصحة النفسية جزء أصيل من الوقاية، لا ترفاً.

تولي وزارة الصحة في المملكة اهتماماً خاصاً بصحة الرجل ضمن برامجها الوقائية، حيث توفر عبر مراكز الرعاية الصحية الأولية مجموعة من الفحوصات المجانية تشمل فحص الضغط والسكر والكوليسترول والسمنة. كما أطلقت مبادرة الفحص المبكر لسرطان القولون، والتي تُجرى بسهولة عبر فحص البراز دون الحاجة لتنظير مبدئي.

أما فحص البروستاتا، فيُقدَّم عند وجود توصية طبية أو عوامل خطر. كما أتاحت الوزارة خدمة الفحص الدوري عبر تطبيق ”صحتي“ لتسهيل الحجز والمتابعة.

إضافةً إلى ذلك، توفر المراكز التابعة لبرنامج ”تأكد“ فحوصات متنوعة للتحقق من مؤشرات العدوى والأمراض المزمنة، مما يعزّز مبدأ الوقاية المبكرة ويقلل الضغط على المستشفيات.

ختاماً: صحة الرجل لا تعني فقط غياب المرض، بل القدرة على العيش بكفاءة وطمأنينة. الاهتمام بالنفس ليس ضعفاً، بل مسؤولية. والرجولة الحقيقية لا تُقاس بكمّ التحمل، بل بوعيٍ يجعل الرجل أكثر حضوراً واستقراراً في حياته وأسرته ومجتمعه.

إن نوفمبر ليس مجرد شهر للتذكير، بل فرصة لتغيير العادات، ومراجعة النمط، وإعادة تعريف «القوة» بمعناها الحقيقي: أن تكون مسؤولاً عن نفسك، قبل أن تُحمِّلها ما لا تحتمل.

استشارية طب أسرة
مستشار الجودة وسلامة المرضى
مستشار التخطيط والتميز المؤسسي
كاتبة رأي