آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

المطر الدموي جدل العلم والخرافة

حسن آل جميعان *

قرأت كتاب الصديق حسن الخاطر المعنون ب ”المطر الدموي“ وهو كتاب صغير الحجم لكنه يحتوي معلومات قيمة ومفيدة يستحق المطالعة والقراءة إضافة إلى ذلك يسر وسهولة لغة الكتاب، هذا الكتاب أثار الكثير من الأسئلة لدي، لأن الكتاب طرح مسألتان متناقضتان المسألة الأولى العرض التاريخي الأسطوري أو الخرافي لظاهرة المطر الدموي الذي نزل من السماء وكيفية تفسير أصحاب هذا المذهب لهذه الظاهرة وما ينسجم مع ما يتبنون من فكر خرافي أسطوري، المسألة الثانية العرض العلمي لهذه الظاهرة وتفسيرها وفق معطيات علمية خاضعة للصواب والخطأ بخلاف النظرة الأولى التي تذهب إلى الرؤية الميتافيزيقا أو الماورائية في تعاطيها مع الظاهرة أو الأحداث الكونية الغريبة والمحيرة أيضا.

استطاع الكاتب أن يكون موضوعيا قدر الإمكان في تعاطيه مع مثل هذه الموضوعات الحساسة التي يختلط فيها العلم بالخرافة وبالتالي يصعب على الباحث التمييز بين حقيقة هذه الظاهرة أو بطلانها وهذا كما أعتقد محفز للبحث لأي باحث مهتم باكتشاف وتفسير الظواهر الكونية وكيفية نشؤها وما إلى ذلك من أمور توصلنا إلى حقيقة هذه الظاهرة أو تلك بعيدا عن النظرة الأسطورية، والسعي إلى تفسيرها بشكل علمي إما نفيا أو إثباتا على أسس ومعايير علمية دقيقة وواضحة، وهذا المنهج هو الأصح والأسلم من وجهة نظري الشخصية.

لا يخفي الكاتب نظرته التشاؤمية للعالم والمستقبل البشري في هذا الكتاب حيث يقول: ”إنني أجد في حديثي هذا، المستقبل البشري الذي لا يبعث على السرور إطلاقا، فإذا لم نتحكم في عدوانيتنا سندمر أنفسنا بأنفسنا“. هنا نجد الكاتب في حالة خوف على مستقبل ومصير هؤلاء البشر وهو خوف مبرر لما نجده من صراع وقتل وتدمير لهذا العالم ومن فيه وما يحصل من إبادة جماعية للطبيعة والإنسانية.

أشار الكاتب إلى الفيلسوف راسل والركائز العلمية الميكانيكية التي ينطلق منها في كتابه ”أثر العلم في المجتمع“ وهذه الركائز الثلاث تعين الباحث على فهم الظواهر الطبيعية والاجتماعية التي يشاهدها أو يسمع بها:

1 - إن بيانات الحقائق أن تبنى على الملاحظة، وليس على استشهاد غير مسند.

2 - إن العالم المادي يتمتع بنظام ذاتي الفعل وذاتي الديمومة، تخضع كافة التغيرات فيه إلى قوانين الطبيعة.

3 - إن الأرض ليست مركز الكون، ومن المحتمل أن الإنسان ليس غاية الكون «في حال كان الكون غاية»، وأن الغاية - إضافة إلى ذلك - مفهوم غير ذي نفع علميا.

ما يميز العلم أنه متغير بشكل دائم لذلك ما كان في الماضي من المسلمات التي لا تقبل الشك مثل هذه الظاهرة ”ظاهرة المطر الدموي“ أو غيرها من الظواهر، قد تكون بسبب تفسير العلم لها في فترة متقدمة من الزمن غير مسلمة أو غير صحيحة لأن العلماء اكتشفوا عكس ما يقوله القدماء من تخيلات وأساطير ومن أكثر النظريات قبولا في الأوساط العلمية في الوقت الحالي كما يشير الكاتب: ”إن المطر الدموي يحدث نتيجة تلوث المطر بغبار الصحراء“.

نختم بمقولة ألبرت أينشتاين التي ختم بها الكاتب ”المطر الدموي“ عن جمال هذا الكون وروعته وما يميزه قوله: ”أكثر خاصية غير مفهومة للكون، إنه مفهوم جدا“.