آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 9:11 ص

كيف نكون أوفياء لنعمة الأمن؟

الأمن… تاج النعم وأعلى مراتب الاستقرار حين يُصبح الإنسان آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فقد اجتمعت له الدنيا، كما أخبر النبي محمد المصطفى ﷺ.

لكننا أحيانًا، لا نشعر بقيمة النعم حين تكون معنا، ولا نُدرك فداحة غيابها… إلا إذا افتقدناها.

ومن بين كل النعم، تبقى نعمة الأمن هي النعمة التي تُظلّل جميع النعم، فبدونها لا طمأنينة، ولا تعليم، ولا عبادة، ولا بناء، ولا أحلام.

فكيف نكون أوفياء لها؟

وكيف نحافظ عليها فكريًا وسلوكيًا؟

أولًا: الوعي بأن الأمن ليس حالة طبيعية… بل إنجاز مستمر

الأمن لا يأتي عفويًا، ولا يُصنع بالصُدفة.

هو ثمرة تضحيات، وسهر رجال، وحكمة قيادة، وتكافل مجتمع.

والمجتمع الواعي يدرك أن الأمن ليس مجرد غياب صوت الرصاص، بل هو:

• استقرار فكري.

• سلم اجتماعي.

• وحدة وطنية.

• ثقة بين المواطن والدولة.

ثانيًا: الوفاء للأمن يبدأ بالفكر

الوفاء الحقيقي لنعمة الأمن لا يكون بالصمت فقط، بل بالفكر الحارس.

ومن أبرز وسائل الوفاء:

1. مواجهة التطرف، بكشف جذوره ورفض منطقه وتحذير الناس منه.

2. نشر الوسطية والاعتدال، لا تعظيم الغلو ولا تبرير التفريط.

3. رفض الشائعات، وعدم الانسياق وراء كل ما يُنشر في وسائل التواصل دون تحقق أو وعي.

4. التوعية بخطر التحزبات والانقسامات التي تفتّت الجبهة الوطنية وتضعف اللحمة المجتمعية.

العقل الحذر هو أول جندي في جيش الوطن.

ثالثًا: الأمن سلوك… يُمارَس قبل أن يُطلب

نكون أوفياء لنعمة الأمن إذا كان سلوكنا اليومي يُعبّر عن مسؤوليتنا الجماعية.

• حين نُبلّغ عن الخطر ولا نصمت عنه.

• حين نُحسن استخدام المنصات الإلكترونية ونُوظّفها للبناء لا للهدم.

• حين نربي أبناءنا على حب الوطن واحترام قوانينه، لا على الشكوى الدائمة أو ترديد السلبيات.

• حين نحترم رجال الأمن لا نُحمّلهم فوق طاقتهم، بل ندعمهم ونفتخر بهم.

الوطن لا يُحرس بالسلاح فقط… بل بالتربية، والكلمة، والموقف.

رابعًا: الوحدة الوطنية خط الدفاع الأول

من الوفاء لنعمة الأمن أن نُدرك أن وطننا ليس قبيلة، ولا طائفة، ولا منطقة…

بل هو وطن الجميع، ووحدة الدم والتراب والتاريخ والمستقبل.

فكل خطاب يُفرّق… هو خيانة خفية.

وكل كلمة تهميش أو ازدراء… هي ثغرة في جدار الأمن.

المجتمع الذي يحضن أبناءه باختلافهم، يحمي نفسه من الداخل قبل أن يحرسه الخارج.

خامسًا: الدعاء والشكر… سلوك روحي للأوفياء

لا يكفي أن ننعم بالأمن…

بل علينا أن نشكر الله عليه، ونلهج بالدعاء أن يديمه، ويبارك في من يحرسه.

• الشكر بالقلب: أن نستشعر النعمة ولا نستصغرها.

• الشكر باللسان: أن نُعلّم أبناءنا ونُذكّر من حولنا بقيمتها.

• الشكر بالسلوك: أن نُمارس حياة الوعي والانتماء والمواطنة.

في الختام: الأمن ليس وظيفة الدولة فقط… بل أمانة المواطن أيضًا

كل فرد مسؤول، وكل بيت هو نقطة ارتكاز في خريطة الوطن، وكل كلمة نكتبها أو ننطق بها، إما أن تبني أو تهدم.

فكن وفيًا للأمن بفكرك، سلوكك، وقلبك.

وكن شريكًا لا متفرجًا.

فالأمن لا يُصان بالأمنيات… بل بالوعي والعمل.

دكتوراه في فلسفة العلوم النفسية وباحثة دكتوراه في الأدب والنقد