آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 11:18 ص

مشروع المدينة العالمية في حاضرة الدمام: نقلة نوعية للسياحة والتنمية المستدامة

عاطف بن علي الأسود *

تعيش المملكة العربية السعودية اليوم مرحلة غير مسبوقة من التحول الشامل في مختلف المجالات، حيث تتجسد معالم رؤية 2030 في كل مدينة ومحافظة من خلال مشاريع نوعية تضع الإنسان في قلب التنمية وتوازن بين التقدم الاقتصادي والحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية. ومن بين النماذج البارزة التي تعكس هذا التوجه الحضاري مشروع المدينة العالمية في حاضرة الدمام بالمنطقة الشرقية، الذي يمثل نقلة نوعية في مفهوم التنمية السياحية المستدامة ويجسد روح التقدم والانفتاح التي تتبناها الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز حفظهما الله، في سعيهما الدؤوب لبناء وطن مزدهر يقوم على التنوع والابتكار والاستدامة.

لقد أولت إمارة المنطقة الشرقية بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن بندر بن عبدالعزيز نائب المنطقة الشرقية اهتمامًا بالغًا بالمشاريع التنموية والسياحية التي تواكب تطلعات المملكة نحو مستقبل أكثر إشراقًا، ويأتي هذا الاهتمام امتدادًا لتوجيهات القيادة الحكيمة التي جعلت من التنمية المتوازنة هدفًا استراتيجيًا بحيث تشمل التنمية الإنسان والمكان في آنٍ واحد. وفي هذا الإطار، تبرز أمانة المنطقة الشرقية كجهة تنفيذية مخلصة استطاعت أن تترجم تلك الرؤية إلى واقع ملموس من خلال تبني مشاريع نوعية تهدف إلى تحسين جودة الحياة وتعزيز الهوية السياحية للمنطقة، ويُعد مشروع المدينة العالمية في الدمام أحد أبرز هذه المشاريع لما يحمله من أهداف اقتصادية وثقافية واجتماعية متكاملة.

إن مشروع المدينة العالمية ليس مجرد مرفق ترفيهي، بل هو نموذج متكامل للتنمية المستدامة يجمع بين الترفيه والتعليم والثقافة والاستثمار في إطار يحترم البيئة ويستفيد من الموارد الطبيعية بطريقة مسؤولة، فهو مشروع يستند إلى فكرة أن السياحة ليست غاية في ذاتها بل وسيلة لتحقيق التنمية البشرية الشاملة وخلق فرص عمل نوعية وتنشيط الاقتصاد المحلي وتحفيز القطاعات الخدمية والتجارية، في الوقت الذي يراعي فيه البعد البيئي من خلال اعتماد مفاهيم العمارة الخضراء والمحافظة على التوازن الطبيعي، وهذا ما يجعل من المشروع خطوة استراتيجية نحو تحقيق الرفاهية المستدامة التي تسعى إليها المملكة.

لقد أكد معالي أمين المنطقة الشرقية في تصريحاته أن هذه المشاريع تأتي ضمن خطة طموحة لتعزيز موقع المنطقة كمركز حيوي للتنمية السياحية، مشيرًا إلى أن الأمانة تعمل بتكامل مع هيئة تطوير المنطقة الشرقية لتوفير بنية تحتية عصرية تستوعب تطلعات المستقبل وتُسهم في جذب الاستثمارات المحلية والعالمية، ويُعد هذا التعاون المؤسسي مثالًا حيًا على العمل المنظم الذي يجمع بين فكر الإدارة الحديثة ورؤية القيادة الوطنية في سبيل جعل السياحة رافدًا اقتصاديًا فعّالًا يوازي القطاعات الإنتاجية الكبرى ويسهم في رفع الناتج المحلي وتنويع مصادر الدخل.

إن ما وصلت إليه المملكة اليوم في قطاع السياحة لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتاج تخطيط استراتيجي طويل المدى يستند إلى رؤية واضحة تهدف إلى جعل السياحة محركًا رئيسيًا للتنمية البشرية وجسرًا للتواصل الحضاري مع العالم وأداة لتعزيز الانتماء الوطني من خلال إبراز جمال المكان وثراء الثقافة السعودية، وفي هذا السياق يُعد مشروع المدينة العالمية في الدمام مثالًا واقعيًا على كيفية تحويل الفكر التنموي إلى تجربة ملموسة تجمع بين أصالة التراث وحداثة الفكر وتُظهر للعالم أن المملكة تمتلك من الإمكانات ما يؤهلها لتكون في مصاف الدول السياحية المتقدمة.

إن ما تقوم به أمانة المنطقة الشرقية تحت إشراف إمارة المنطقة وبالتكامل مع هيئة التطوير يعكس وعيًا عميقًا بأهمية التنمية السياحية كأداة لبناء الإنسان وتحقيق الرفاهية المجتمعية، فالسياحة هنا ليست نشاطًا ترفيهيًا عابرًا بل صناعة وطنية قائمة على الابتكار والمسؤولية، تستثمر في المكان وتحترم الإنسان وتحافظ على البيئة، وهذا المفهوم المتكامل يجعل من هذه المشاريع ركيزة أساسية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة الشرقية ويعزز من مكانة المملكة كقوة اقتصادية عالمية تجمع بين التقدم المادي والاستدامة البيئية في معادلة فريدة لا تتحقق إلا برؤية قيادية واعية.

كما يمثل مشروع المدينة العالمية نموذجًا يحتذى به في استثمار الموارد الطبيعية بشكل مسؤول ومبتكر، ويعكس حرص المملكة على دمج السياحة مع الاستدامة البيئية، وهو ما يجعل المشروع رافدًا رئيسيًا لتحقيق التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية في آنٍ واحد، ويبرز الجهد الكبير الذي تقوم به الأمانة وهيئة التطوير في تنظيم وإدارة هذه المشاريع التنموية بما يضمن تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 في تنمية مستدامة متكاملة.

في النهاية، فإن مشروع المدينة العالمية في الدمام هو أكثر من مجرد معلم سياحي، بل هو ترجمة عملية لفكر المملكة الجديد في التنمية المستدامة، وفصل مضيء في مسيرة وطن يسير بثقة نحو المستقبل مستمدًا قوته من قيادته الرشيدة ومبدعيه المخلصين ومواطنيه الذين جعلوا من العمل والابتكار أسلوب حياة، إنها قصة نجاح تروي كيف استطاعت المملكة أن تجعل من السياحة وسيلة للتنمية البشرية ورافدًا للاقتصاد الوطني وجسرًا نحو مستقبل أخضر ينعم فيه الإنسان ببيئة مستدامة وحياة كريمة تعكس جوهر رؤيتها الطموحة 2030.

دراسات عليا اقتصاد صحي