آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 10:34 ص

المشكلة ليست مشكلة، ولكن لمن تُطرح المشكلة هي المشكلة

عبد الله أحمد آل نوح *

في الحياة لحظات تبدو بسيطة، لكنها تُشعل في داخلنا أسئلة لا تهدأ. نتصور أن البوح بها يُخفف عنّا، فنفتح قلوبنا بحثًا عن راحةٍ أو مشورة، ثم نكتشف أن المشكلة لم تكن في الهمّ ذاته، بل في من أفضينا إليه.

كم من همٍّ صغيرٍ تضخّم لأننا وضعناه في يدٍ لا تُحسن الفهم، وكم من كلمةٍ صادقةٍ صارت تهمةً لأننا أودعناها في صدرٍ لا يعرف الإنصاف. ليست كل أذنٍ تصلح للإصغاء، ولا كل قلبٍ مأمنًا للأسرار، ولا كل عقلٍ قادرًا على قراءة ما وراء الكلمات.

الحكمة ليست في الكتمان ولا في البوح، بل في اختيار من يُنصت لا من يُحاكم. فبعض الناس إذا سمعك أطفأ النار، وبعضهم إذا سمعك أضاف إليها وقودًا. بعضهم يُشعرك بأنك بخير حتى في قلقك، وآخرون يجعلونك تقلق حتى وأنت بخير.

ولا تستشر غيورًا فيدمّرك، ولا تستشر محبًّا غارقًا في يجاملك. الغيور يرى من خلال غيرته فيُفسد المعنى، والمحبّ يغرق في عاطفته فيحجب عنك الحقيقة. استشر من يحبك بعقله لا بعاطفته، ومن يعرف غيرتك دون أن يحسدك، فبعض النيات الطيبة تقتل أصحابها حين تُوجَّه للخطأ.

حتى التوقيت له حكمته، فالكلمة التي تُقال في ساعة الغضب قد تفسد ما أصلحته الأيام، والمشكلة التي تُطرح أمام من لا يعنيه الأمر تتحول إلى جدلٍ ووشايات. فقلّما كان الصمت ندمًا، وكثيرًا ما كان الكلام عبئًا.

حين نفهم أن المشكلة لا تكبر حين نعيشها، بل حين نُسيء عرضها أو نضعها في غير موضعها، نكون قد تجاوزنا نصف الطريق إلى الحل. فالكلمة التي تُقال في غير مكانها تفقد معناها، ومن نُفضي إليه بصدقٍ دون وعيٍ قد يجعل من صدقنا سلاحًا ضدنا.

فليس كل من سمعك فهمك، ولا كل من نصحك أراد خيرك، ولا كل من صمت عنك جفاك. المشكلة ليست دائمًا فيما يحدث، بل فيمن نختاره ليحكم على ما حدث.

عضو مجلس المنطقة الشرقية ورجل أعمال