آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 9:11 ص

لك حلال وعليها حرام ولها يحل وعليك يحرُم؟

سلمان العنكي

عنواننا المعني به أساسًا الزوجين، لكن الحالة شبه ظاهرة اجتماعية مرتفعة دون حدود أو قيود، ولا إحساس بشعور عند البعض، لإبراز المتكلم شخصيته بأن الكمال فيه، يريد فرض رأيه الأوحد بالقوة على من سواه، أو عن جهالة وفقر ثقافة وضيق اطلاع «بعفوية، وحسن نية، وسذاجة» عند آخرين. وهناك صامتون ينطقون باعتدال وقت الحاجة للنصح والإرشاد والإصلاح، لا فضولًا ولا انتقاصًا ولا سخرية.

وعودًا على بدء، بإيجاز:

أولًا: الزوج

بعيدًا عن الأحكام الشرعية والقانونية المنظمة للحياة الزوجية، حديثنا عن النواحي الاجتماعية والأخلاقية والتسامح بين الزوجين:

1. يدخل طعامه جاهزًا، بيته نظيف، ملابسه وأحذيته مرتبة، يقابله ثغر باسم، من ورائه ذرة راقية ذات خلق عال وذوق رفيع. ولكن للأسف، لو أصيبت هذه المخلصة بمرض وأصبحت طريحة الفراش، أكثرنا لا يعاملها كما قدمت. لو سألته: لماذا؟ يجيب: ”تريد مني أن أكون لها خادمًا!“

أما خدمتْك سنوات طوالًا غير ملزمة ولا مجبرة؟ واليوم هذا جزاؤها؟ مفارقات مذمومة، نخوة جاهلية وتقاليد موروثة، يرضاها لنفسه وينكرها من غيره! أين الشكر والتقدير ورد الجميل؟

2. متمكن ماديًا، متسع الوقت، أمورك تسمح لك بالسفر للزيارة والمتعة كل حين ومتى شئت، كأنك مكلف باكتشاف العالم، وتلك مع أولادها بين جدران في غرفة مغلقة. ما يضرك لو أشركتهم في بعض رحلاتك، أو رافقتك أم تتنفس الصعداء إن كان البقية كبارًا في غنى عنها؟

3. نتعجب، نستنكر، نعيب زوجة تضرب زوجها! لقد فعلت منكرًا، ارتكبت ما يستعظم، تكاد السماوات يتفطرن وتندك الجبال! ”نعم، هو كذلك“. ونعقب على الموقف: قلة أدب منها، كيد نساء، وعدم تربية.

”اتركها، تزوج عليها، أو طلقها“.

أما إن كان هو الضارب، فالرد يختلف: ”نعم ما فعل، رجال! ترفس الدَروازة، أرِها نجوم الليل في الظهيرة، ووو…“

لماذا؟ أين النصف والمروءة والإنسانية؟ الكيل بمكيالين! يحل له ويحرم عليها، والصحيح: ”أخطأ الاثنان“.

ذلك الذي يجب اتباعه ويتماشى مع الألفة هو عدم اعتداء طرف على آخر، إلا ما سُمح للرجل أحيانًا بقيود مفصلة، أغلبنا يجهلها ومقدارها.

الأول له مكانته واحترامه، والأخرى جوهرة ثمينة نحافظ عليها أيضًا. لا تفضح ما اطلعت عليه منها أو سمعت إن فارقتها، فضلًا عن أن تكون لا تزال على فراشك. لا تعيرها بفقر أبيها وإخوتها، ولا تقلل مقدارهم لإحراجها وإخضاعها قهرًا.

ثانيًا: الزوجة

شريكة الحياة بحلوها ومرها، سكن وستر، عون للزوج لا فرعون، تخفف المتاعب والأعباء، تبعد الهموم، تذهب الحزن، وتجلب السعادة. تحرص على الأساسيات الرئيسة، ومنها:

1. لا تكثري من الطلبات غير الضرورية وتبرريها: ”كل زواج فستان لمرة واحدة، مولود، عيد ميلاد، مناسبة، هدية لصديقة، إجازة، سفرة أو منتجع!“

ما عسى بمقدور هذا؟ خففي عليه، اكسبي قلبه يعطيك ما عنده، وأنت في راحة. تفهمي ظروفه النفسية والمالية والعملية، وعند الضرورة اصبري.

لا تفشي ما حصل بينكما حتى إلى الأقرب وذوي الثقة. خليتما ببعض وأفضى كل منكما لصاحبه، فلا تذكري سيئاته بين صويحباتك، وإن كثرت، اقبريها، وتغني بحسناته، وإن قلت.

2. عدم الإلحاح بكثرة الأسئلة الاستفزازية عن حاضره وحياته السابقة. لا تغذيه وتعشيه بها، ولا استفسارات حول شكوك ظنية لا علاقة له بها. لا تكوني مهدرة.

كذلك، البعد عن انتقاداته اليومية. عامليه بالأحسن، وتغاضي عن هفواته، وتقبلي سلوكه المخالف لك إذا لم يكن مضرًا، وباستطاعتك تحمله ولو بمشقة. اختاري الوقت المناسب للحديث معه.

3. البيت مشترك بينكما، يسع الجميع. لا تفضلي أبويك على أبويه ظاهرًا. كوني في منتصف الطريق.

«أنا كاتب هذه السطور، عندي خمس زوجات أولاد بهن أعتز وأفخر، يعاملن كما لو كن آباءهن وأمهاتهن، ولهذا هن بمنزلة بناتي في قلبي».

لهم حقوق، أي الوالدان عليكما، أنتما أبناء الأربعة، تنعكس المساواة مودة بينكم. أعطِ من نفسك ما يرضيه لها. لا تعيبي أهله وعشيرته، ولا تجعلي لك الدرجة العليا عليه إلى مستوى التحقير والإذلال. لا تقولي: ”لست لي بكفء“، ولا تشهّري به، كنت معه أو بعد مفارقته؛ فإنه يعيبك، ويحط من قدرك، ويسفه أخلاقك.

ثالثًا: العامة

من يرى نفسه عنترة إذا هو أولى بعبلة! أقواله وأفعاله في نظره ملزمة على الجميع الانصياع والانقياد والطاعة. يأمر، ينهى، ينتقد، يحق له ما لا يحق لغيره. يتدخل في الصغيرة والكبيرة وما لا يعنيه، ولم تطلب استشارته. فاشل في علاقاته بزوجته ومع أولاده وأرحامه والناس، سيئ الجيرة، لا يسعى لإصلاح ما أفسد، ولا يتعظ بماضيه.

1. يدخل بيت صديقه، كل بناء وهندسة وأصباغ عنده غير مقبولة، وهو لا يملك بيتًا أو يدفع إيجار شقة سكناه. لا يسمح بالتدخل في خصوصياته، لكن منه: نعم يا هذا! لا تتعامل بما لا تحب أن تعامل به.

2. يزور مريضًا، يصر على معرفة ما به، ”وإن كانت امرأة“، وما خفي والعلاج، ثم يبدأ اقتراحات وتعليمات ووصفات، وهو غير متخصص ولا مؤهل في شيء مما خاض فيه. ولو أصيب، لا يقبل بسؤال المثل ولا نقاش فيه، بينما يفتي لمن لا تربطه به صلة: ”سمعت بأن خلافًا بين ابنتك وزوجها!“ وبإلحاح شديد: ”ما هو السبب؟“

مالك وهذا؟ ما أنت وذاك؟

3. يعيب تجهيزات وليمة المناسبة، وحضوره من غير دعوة، ولم يُولِم في حياته. حديثه في المجالس: ”زيد لم يعرف لنفسه!“ وأنت، ما الذي عرفتَه؟ لباس عمرو عفا عليه الزمن، وثيابك غير مدفوعة الثمن.

لماذا ذهبت إلى مدينة شرقية، لا إلى باريس؟ ولا جوازًا بيده، يصله المنامة! نوعية سيارتك رديئة الصنع، وأنت حافي القدمين، تستجدي من يحملك على دراجة هوائية…