آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 9:11 ص

الصمت

فاضل أحمد هلال

الصمت والسكوت لا يعنيان الرضا والقبول، فكثير من الناس مع الأسف يفسر معنى الصمت بالرضا، فيقول: بما أنه ساكت فهو راضٍ، وهذا تعبير خاطئ.

فلماذا يلجأ الإنسان إلى الصمت؟

هناك أسباب عديدة ومختلفة للصمت والرغبة في البقاء دون كلام، سواء من الرجل أو المرأة، وأكرر: هذا لا يعني الرضا والقبول!

فالمرأة قد تصمت ولا تتكلم، وذلك بسبب حاجتها إلى التأمل وفهم المواقف والأسباب التي تواجهها وتريد السيطرة عليها فتتجنب المواجهة، أو ربما تصمت تعبيرًا عن استياء أو ألم في داخلها. وهذا ما يسمى «الصمت العقابي»، فلكل فعل ردة فعل، وهذا الصمت العقابي قد يكون رسالة للطرف الآخر أو عقابًا لنفسها بطريقة غير مباشرة، تعبيرًا عن الغضب والاستياء من أمر معين.

ومن الجانب الآخر نرى أن الرجل حين يلجأ إلى الصمت والرغبة في عدم الكلام والانسحاب بهدوء، فلأنه يحتاج مساحة وفترة من الوقت يهدأ فيها ويمتص غضبه ويفكر ويتأمل لإيجاد الحلول للمشاكل التي تواجهه في حياته، أو ربما يكون صمته انسحابًا ليتجنب ردات أفعال غير متوقعة منه، فأحيانًا يعبر الرجل عن مشاعره بالأفعال سواء كانت سلبية أو إيجابية.

فيجب التعامل مع الموقف بكل شفافية، والسعي لمعرفة الأسباب المحتملة وراء هذا الصمت بحوار مفتوح بين الطرفين، مع إعطاء مساحة للتعبير عما في الداخل «بكل هدوء»، فالكلام والتفريغ عما في داخل الإنسان يريح القلب ويفرج عن النفس، فالهدف هو معرفة الأسباب لحل المشكلة وإنهاء الخلاف، لا الصمت والهروب. وهذا الأسلوب قد يجدي نفعًا مع الإنسان المؤمن المتفهم القابل للتغيير، ولكن قد يكون شبه مستحيل مع الإنسان المعاند والمكابر.

في الختام،

يقول الشاعر: «تعددت الأسباب والموت واحد».

ومهما كانت الأسباب التي تواجه الإنسان، ومهما كانت كبيرة ومؤلمة ومعقدة، ولها تأثير نفسي أو عاطفي أو وجداني على الإنسان، سواء بسبب الضغوط أو الخلافات أو كلمات اللسان التي تجرح، أو بسبب الخذلان والتجاهل وعدم الاهتمام والإهمال واللامبالاة من الطرف الآخر من الجنسين، سواء من ناحية الحقوق أو الواجبات الواجبة عليهما، فإن الصمت ليس الحل الأنسب لحل المشكلات، وإن كان سبيلًا يتخذه الطرفان مؤقتًا لتجنب النزاعات والوقوع في المشاكل، إلا أنه مؤقت، وهذا يجعل المشكلة تظل معلقة من دون وجود حلول لها.

قد نتجاهل الطرف الآخر ونحن نعلم حاجته الماسة إلينا، وهذا الخذلان قد يكسره ويشعره بالإحباط والألم الشديد، وله ما عليه من عواقب وخيمة ومؤلمة في نفسه وقلبه.

فهل الحل هو الصمت والسكوت؟

إن الصمت والسكوت يعبران عن درجة من عدم الرضا بطريقة غير مباشرة، ولكن الكلام الصادق والمناقشة الصريحة بأسلوب هادئ، والتعبير عما في الداخل، وتوضيح أسباب الصمت والزعل والاستياء من تصرفات الطرف الآخر، مع مراعاة مكانة وحقوق الطرفين الواجبة عليهما، تساعد في إيجاد حلول للمشكلة بعيدًا عن الأساليب الاستفزازية ورفع الصوت والعصبية التي تضخمها وتفاقمها.

وفي نهاية المطاف، فإن المرأة تريد اهتمامًا وحبًا، والرجل يريد احترامًا وتقديرًا.