”جامعة القطيف مطلب عاطفي“..!!
بعد أن برزت التحركات للمطالبة بمدينة جامعية في القطيف بعد تسريب دراسة التعليم العالي بالآونة الأخيرة والتي أقنعت مجموعات شبابية تطوعية وأهلية وأكاديميين بل وأصحاب القرار من أبناء القطيف ومختلف مناطق المملكة أن القطيف مستحقة بالدرجة الأولى لمدينة جامعية، لما استوفته من مؤهلات بناءاً على المعايير الدولية.
استثار عقلي وعاطفتي وسمعي رأي أحد المثقفين البارزين في أحد الاجتماعات التي كنا نناقش فيها إحدى قضايا القطيف، حينما قال وبكل برود: ”جامعة القطيف مطلب عاطفي“!!، كان يقصد أن المطلب هذا مضخم بشكل لا يمكن فيه أن يكون واقعيا... أي ثقافة يا سيادة المثقف التي جعلتك تصف المطلب بهذا المستوى!!..
إن الله جعل لنا العقل والعاطفة متمثلين فينا بالدرجة الأولى عن جميع المخلوقات، فالعاطفة كما يُعرفها علم النفس هي مجموعة الأحاسيس والمشاعر التي يختبرها الفرد.. إن كلمة عواطف «Emotion» مشتقة من اللفظ اللاتيني «Emovare» والتي تعني حرفياً: يحرك شيء..، يؤثر في.. «to move»، فالعواطف تؤثر في الشخص وتدفعه نحو التحرك واتخاذ موقف، ويفترض أنها تولد مجموعة المشاعر الواعية أو غير الواعية، بل الدافعة فكلمة دافع «Motivation» هي أيضا مشتقة من الأصل «Emovare».
«فالعواطف تستطيع أن تقودك كما تستطيع أنت أيضاً أن تقودها»..
أما العقل فهو مصطلح يستعمل عادة لوصف الوظائف العليا للدماغ البشري. خاصة تلك الوظائف التي يكون فيها الإنسان واعيا بشكل شخصي مثل: الشخصية، التفكير، الجدل، الذاكرة، الذكاء، وحتى الانفعال العاطفي يعدها البعض ضمن وظائف العقل.
«فلا نختلف هنا أن العاطفة تمثل العقل أيضاً وقد تدفعنا له..»
وعندما يبتعد العقل عن العاطفة يصاب اﻹنسان بحالة من الاضطراب، وإذا استمر في الابتعاد فإنه يتصلّب ويُصاب بغلظة القلب، والعاطفة بجانب العدل وأحكام العقل، كلاهما لا ينفصلان حتى يتكامل الإنسان، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ﴾ [النحل90] فالعدل من أحكام العقل، والإحسان من فيض العاطفة.
بودي هنا أن أبين هل تلك المطالبات جاءت من عاطفة لا واعية أم هي حقيقة واعية قد وعاها الأكاديميون وكانت دافع لعقولهم للقيام بتلك الدراسات التي أثبتت لما لا نستطيع نكرانه بالعاطفة أو حتى بالعقل أن المطلب لابد منه وأن الحيادية والتزام التيارات والمصالح النرجسية، أو عدم الالتفات لمصلحة القطيف، لا ينتج إلا عن غياب الضمير أو غياب العاطفة الذي هو كما أوردت سالفاً شرحه غلظة في القلب لا يتكامل بها اﻹنسان فلا تكون منه العدالة.
- عندما نقول أن القطيف تستحق مدينة جامعية لأن بها أكبر حجم طلابي في الساحل الشرقي من الوطن ولا يوجد بها صرح جامعي!! فهل هذا يعتبر عقل أم عاطفة أيها المثقف؟؟!!..
- وعندما تكون المعايير الدولية لإستحقاق جامعة هي أن يكون التعداد السكاني يتعدى 400 ألف بينما التعداد السكاني لمحافظة القطيف يتعدى النصف مليون نسمة ولا توجد جامعة... فهل هذا عقل أم عاطفة أيها المثقف؟؟!
- عندما تلفت الدراسات أن القطيف تتوسط الساحل الشرقي مما يعني أنها موقعاً استيراتيجيا لإنشاء جامعة تخدم خمس محافظات... فهل هذا عقل أم عاطفة أيها المثقف؟!!
- عندما نطالب بإنشاء جامعة في ظل غياب حتى التعليم الأهلي... فهل هذا عقل أم عاطفة أيها المثقف؟!!
- عندما نطالب بجامعة في القطيف تغذي احتياجات سوق العمل في المنطقة الشرقية وهي جسد الاقتصاد الوطني والقطيف قلبها... فهل هذا عقل أم عاطفة أيها المثقف؟!!!
- عندما نطالب بجامعة في القطيف تضم أكثر من 40 ألف طالب وطالبة من المرحلة الثانوية اضطروا للغربة والشتات... فهل هذا عقل أم عاطفة أيها المثقف؟!!
- عندما نطالب بجامعة في حين أن القطيف المحافظة الوحيدة من فئة «أ» وهي رابع أكبر تعداد سكاني بينهم لا تحتوي على جامعة... فهل هذا عقل أم عاطفة أيها المثقف؟!!
المخجل أن يقال أن هذه المطالب عاطفية إضعافا لهذا المطلب وواقعيته في حين أن استحقاق القطيف لمدينة جامعية بني على دراسات وإحصائيات مستفيضة من مصادر الدولة الرسمية بعيداً عن أي تأثير عاطفي فهي دراسة موضوعية رقمية بمعنى الكلمة.