آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 10:34 ص

كيف نتعامل مع العلاقات السامة في العائلة؟!

سوزان آل حمود *

هل العائلة دائمًا هي الملاذ الآمن الذي نلجأ إليه؟ المفهوم المثالي للعائلة هو ذلك الحضن الدافئ الذي يمنحنا الدعم والاحتواء، حيث تتناغم النفوس وتتزن المشاعر ليجد كل فرد مكانه. ولكن في الواقع، قد لا تكون كل العائلات كذلك، فبعضها قد يتحول إلى بيئة مثقلة بالتوتر، حيث تسيطر الأنماط السلوكية السلبية على أفرادها، وتتحول العلاقة من مصدر أمان إلى مصدر للضيق. فكيف نتعامل مع هذه العلاقات السامة داخل بيئتنا الأسرية؟

عندما تتقلب النفوس

قد يكون التعامل مع أفراد العائلة صعبًا عندما تكون نفسياتهم متقلبة أو عندما يميلون للسيطرة أو النرجسية. في هذه الحالة، تفقد العلاقة طابعها الصحي المبني على الأخذ والعطاء، وتتحول إلى علاقة سامة يستنزف فيها طرف طاقة الطرف الآخر.

فإذا كان أحد أفراد العائلة نرجسيًا، فإنه غالبًا ما يسعى لفرض سيطرته، ويرى نفسه محور الكون، ويتجاهل مشاعر الآخرين. قد تكون تصرفاته مؤذية عاطفيًا، مما يجعلك تشعر بالتقليل من شأنك أو عدم أهميتك.

أما إذا كانت النفوس متقلبة، فقد تجد نفسك في دوامة من التذبذب العاطفي، حيث لا يمكنك التنبؤ بردود فعلهم. قد يكونون ودودين في لحظة، ثم يتحولون إلى عدوانيين في اللحظة التالية. هذا التذبذب يؤثر سلبًا على استقرارك النفسي ويصعب عليك إقامة علاقة صحية.

ما هو الحل؟

التعامل مع العلاقات السامة في العائلة ليس بالأمر الهين، ولكنه ليس مستحيلًا. إليك بعض الاستراتيجيات التي قد تساعد:

• وضع الحدود: هذا هو الحل الأهم. يجب عليك أن تضع حدودًا واضحة في تعاملك معهم. لا تسمح لأحد بتجاوزها. مثلاً، يمكنك أن تقرر عدم المشاركة في نقاشات معينة تسبب لك الضيق، أو أن تحدد مدة الزيارات.

• التوقف عن محاولة التغيير: لا يمكنك تغيير شخص آخر، خاصة إذا لم يكن هو نفسه يريد التغيير. تقبل أن هذا هو سلوكهم، وركز طاقتك على حماية نفسك.

• التعبير عن مشاعرك بهدوء: بدلًا من الانخراط في صراعات، عبّر عن مشاعرك بطريقة هادئة وموضوعية. مثلاً، قل ”أشعر بالضيق عندما تتحدث معي بهذه الطريقة“، بدلًا من ”أنت دائمًا تضايقني“.

• بناء شبكة دعم خارجية: لا تعتمد على عائلتك فقط للحصول على الدعم العاطفي. ابحث عن أصدقاء، أو انضم إلى مجموعات اهتمام، أو اطلب المساعدة من مختص نفسي. هذه الشبكة ستكون مصدر قوتك.

• الابتعاد إذا لزم الأمر: في بعض الأحيان، يكون الابتعاد المؤقت أو حتى الدائم هو الحل الوحيد للحفاظ على صحتك النفسية. هذا لا يعني أنك لا تحب عائلتك، بل يعني أنك تحب نفسك بما يكفي لتحميها.

ختامًا

ليست كل العائلات مثالية، وقد تكون بعض العلاقات فيها عبئًا ثقيلًا. لكن لا تنسَ أنك المسؤول عن صحتك النفسية. ليس عليك أن تتقبل الألم باسم القرابة، فالحب الحقيقي لا يؤذي. تذكر أن قوتك تكمن في قدرتك على حماية نفسك، وفي بناء عالمك الخاص الذي يتسع للحب والاحترام، حتى وإن كان خارج أسوار المنزل. دع نورك يشع من الداخل، واجعل منه درعًا حصينًا ضد كل ما قد يرهق روحك.