آخر تحديث: 2 / 1 / 2025م - 8:38 م

إسلام الطوائف

حسن آل جميعان * صحيفة الشرق

يعتقد البعض أن المسلمين كتلة واحدة أو من المفترض أن يكونوا كذلك، لكن الحقيقة تقول غير هذا؛ حيث هناك طوائف إسلامية متعددة ومختلفة في فهمها للإسلام «عقيدتها واحدة واختلافاتها في التطبيق»، وعلى هذا أصبح هناك طوائف مختلفة، ولكل واحدة منها طريقتها الخاصة في ممارستها العبادية والشعاراتية التي تميزها عن الأخرى.

الإسلام واحد، وهذا مما لا شك فيه، لكن داخل الإسلام عدة طوائف، وكل طائفة تعتقد أنها تمثل الإسلام الحق وغيرها في ضلال مبين. مما أفرز طوائف إقصائية إلغائية لا تقبل المختلفين معها في تبني الدين أو الإسلام، ومع مرور الوقت تحول هذا الاختلاف إلى حالة من التعصب الأعمى، وقسّم العالم إلى فسطاطين إما «مع / ضد»، ومن هو في الضد مصيره القتل أو التنكيل أو في أقل التقادير ممارسة الترهيب الفكري عليه حتى يرجع إلى الطريق الصحيح، وهو ما تتبناه الطائفة المحتكرة للحق فقط.

كي نتمكن من تجاوز إرهاب الطوائف علينا أن نفكر بشكل جدي في تفكيك البنية التي جعلت مثل هذا الفكر ينتشر ويتجذر في أوساط المسلمين، وأصبح كل مسلم لا يقبل أخاه المسلم الذي يختلف معه في المذهب أو المعتقد الديني، من هنا نصل إلى أن إحدى مشكلاتنا تكمن في الموروث التاريخي الذي يشكل المخيال أو الهوية الدينية التي يتبناها المسلمون بمختلف طوائفهم وانتمائهم الديني، وهذا يحتاج إلى حفر تاريخي؛ لإزالة حقول الألغام الموجودة في هذا التراث، وتنقيته من الشوائب التي تُسبِّب هذا النزاع والصراع والجدل الحقاني الذي لا رابح فيه إلا من يؤجج نار الطائفية ويقتات من مخلفاتها، هذا طريق صعب ومؤلم لكن علينا تجرعه وتحمل مرارته؛ حتى نستطيع تحقيق السلم الأهلي وحماية البشر في المستقبل من هذا التشظي والتطرف الديني الذي أرهق المسلمين كثيرا طوال الفترة الماضية، مما شكّل صورة نمطية سلبية عن الإسلام مع الأسف.

والأمر الآخر نبذ التطرف الديني والقبول بالتعددية واحترام الاختلاف القائم بين المسلمين من منطلق «الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق» علي رضي الله عنه.. وهذا لا يتحقق إلا بقبول المختلف كما هو لا كما نريد نحن أن يكون هو، لكي يتحقق ذلك علينا الرجوع إلى الإسلام دين الإنسانية كمرجع فيما بيننا لا إلى إسلام الطوائف الذي مزقنا شر ممزق وعمّق فينا الفرقة والابتعاد عن بعضنا بعضاً؛ لأنه عزز عناصر الخلاف وأظهرها وجعلها هي الحاكم بيننا، وهذا خلاف الإسلام الذي جعل من المسلمين أمة واحدة بعدما كانوا في شتات وفرقة، وكذلك رفع الإسلام من مكانة الفرد وأعاد له كرامته الإنسانية التي سُلبت منه وجعلها فوق كل القيم.