الشيخ البن سعد: السلوك المستفز ”اعتداء خفي“ يهدم العلاقات بين المحبين
حذر الشيخ عبد الجليل البن سعد من أن بعض أشكال الاعتداء والأذى في العلاقات الإنسانية لا تنبع بالضرورة من عداوة أو كراهية، بل قد تصدر عن محبة صادقة يرافقها خطأ فادح في أسلوب التعبير والتعامل.
وأوضح في خطبة الجمعة التي ألقاها بمسجد القائم في بلدة الطرف، أن السلوك المستفز يعد أحد أبرز التشوهات الخفية التي تزرع التوتر والنزاع داخل الأسر والمجتمعات دون نية سيئة مسبقة.
وبيّن الشيخ البن سعد أن هذا المفهوم القرآني لا يقتصر على العدوان المادي، بل يمتد ليشمل سلوكيات متكررة في حياة الناس اليومية، حيث قد يأتي الأذى من أقرب المقربين كصديق أو قريب يخطئ في طريقة التعبير عن محبته، فيتحول حرصه إلى مصدر إزعاج وألم لمن حوله دون أن يدرك ذلك.
ووصف الاستفزاز بأنه من أبرز صور هذا الاعتداء، مشيرًا إلى أنه قد يصدر حتى من أشخاص صالحين وأصحاب فضائل يعانون من حدة في الطبع أو خلل في المزاج.
وأشار إلى أن خطورة هذه الصفة تكمن في قدرتها على التجذر في النفس لتتحول إلى عادة وسلوك دائم يصعب على صاحبها التخلص منه، خاصة وأن الكثير من الأشخاص الطيبين لا يعون أنهم يمارسون هذا النوع من الإيذاء.
وضرب أمثلة واقعية على التناقض السلوكي الذي قد يقع فيه البعض، كشخص فاضل في مواقفه العامة وكريم في عطائه، لكنه يتعب من حوله باستفزاز مستمر أو بحدة في المزاح والنقاش، مما يطغى على فضائله الأخرى.
ولتقريب الصورة، ساق مثالًا لشخص متدين يحرص على تسوية الصفوف في المسجد، وهي ملاحظة محمودة، لكنه في المقابل لا يكترث بإيقاف سيارته أمام منزل جاره أو مخرج مرآب.
وأعتبر أن هذا التناقض يكشف عن خلل في الوعي الاجتماعي، فالشخص لا يرى في تصرفه اعتداءً رغم أنه يسبب ضيقًا وإزعاجًا للآخرين.
وتطرق الشيخ البن سعد إلى ما أسماه بـ ”استفزاز المحب“، والذي يظهر جليًا في العلاقات الوثيقة كالزواج، حين يصر أحد الطرفين على أسلوب مزعج في التعامل ويرفض مراجعة نفسه تحت غطاء المحبة، مما يحول الخلافات البسيطة إلى عناد وتحدٍ، ويبقي العلاقة متأرجحة بين التعلق والانزعاج.
وأكد أن هذا النمط من التصرفات هو ”اعتداء خفي“ يبغضه الله تعالى لأنه يسلب العلاقات طمأنينتها وسكينتها.
وشدد على أن النوايا الطيبة والمحبة وحدها لا تكفي لاستقامة العلاقات، بل تحتاج إلى وعي في الأسلوب، وضبط للانفعالات، واحترام عميق لمشاعر الآخرين، مشيرا إلى أن تهذيب الطباع وتجنب إيذاء الناس بالسلوك المستفز هو جزء لا يتجزأ من جوهر الإيمان.













