أهمية الوعي في حياة الإنسان وبالخصوص المسلم
بداية نحن بحاجة لمعرفة معنى الوعي من منظورين أساسيين؛ التعريف الاصطلاحي والتعريف الشرعي.
هو إدراك الإنسان لذاته ولما حوله إدراكًا عميقًا يجعله قادراً على التمييز بين الأمور وفهمها فهماً صحيحًا، واتخاذ المواقفالمناسبة تجاهها. بمعنى آخر الوعي هو حالة من اليقظة الفكرية والوجدانية التي تسمح للإنسان أن يرى الحقائق كما هي، لا كما يُراد له أن يراها وفي الفلسفة وعلم النفس، يُقرن الوعي عادةً بثلاثة أمور؛ الإدراك، المعرفة بالذات، والمسؤولية عن الأفعال.
من الملاحظ أنّ الوعي في المنظور الشرعي لا يُذكر كمصطلح نصّي محدّد، لكنّه يظهر من خلال مفاهيم قرآنية وحديثية مثل: التفكّر، التدبّر، البصيرة، واليقظة القلبية، وعليه يمكن تعريف الوعي شرعًا بأنّه إدراك القلب والعقل لحقائق الإيمان، والتمييز بين الحق والباطل، بما يثمر عملاً صالحًا وسلوكًا مستقيمًا. قال الله تعالى: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ﴾ [الأنعام: 104]، البصائر جمع بصيرة وتعني الوعي بنور الهداية. ويقول عزّ وجلّ: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ [محمد: 24]، وهنا دعوةإلى الوعي التدبّري، لا القراءة الشكلية، وقد جاء في الحديث: قال النبي ﷺ: ”الكَيِّسُ من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني“، والكيّس هنا هو الإنسان العاقل الواعي الذي يُحاسبنفسه ويستعد للآخرة.
إذًا، فالوعي اصطلاحًا يعني إدراك عميق للذات وللواقع. أمّا شرعًا فالوعي يعني بصيرة إيمانية وعقلية تُثمر معرفة بالله، وتمييزًا للحق، وعملًا صالحًا.
• حُسن الاختيار: الوعي يساعد الإنسان على اتخاذ قرارات مدروسة، بدل الانقياد وراء العاطفة أو العادة أو ضغط المجتمع.
• التوازن النفسي: حين يفهم الإنسان ذاته ويعرف احتياجاته وحدوده، يعيش براحة أكبر ويتجنّب الصراعات الداخلية.
• تحمّل المسؤولية: الوعي يجعل الإنسان يدرك أنّه مسؤول عن أفعاله ونتائجها، فلا يعلّق فشله أو أخطاءه على الظروف أو الآخرين.
• العلاقات السليمة: الوعي بالآخرين يعلّم الإنسان التعاطف، وحسن التواصل، وفهم الاختلافات دون نزاع أو تعصّب.
• الارتقاء الروحي والأخلاقي: الوعي يفتح للإنسان باب التأمل في الكون والحياة، مما يعزز قيم الخير والرحمة والعدل.
• فهم الدين بعمق: الإسلام يدعو إلى التفكّر والتدبّر ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ ، والوعي هو ما يجعل المسلم يعبد الله عن بصيرة لا عن تقليد أعمى.
• تمييز الحق من الباطل: المسلم الواعي لا ينخدع بالشبهات، ولا يُستدرج إلى الفتن الفكرية أو الدينية، بل يقيس الأمور بميزان القرآن والسنّة والعقل.
• القدرة على الإصلاح: المسلم الواعي يساهم في مجتمعه، يعالج الظلم، ينشر الخير، ويكون عنصر بناء لا عنصر هدم.
• تحقيق معنى العبودية الحقيقية: الوعي يُحوّل العبادة من عادة إلى حضور قلبي وروحي، فيشعر المسلم بقيمة الصلاة والصوم والزكاة والحج، لا كمجرد أفعال شكلية.
• الاستعداد للآخرة: الوعي يذكّر المسلم بأنّ الدنيا ممرّ لا مقرّ، فيستثمر عمره فيما ينفعه يوم الحساب.
لذلك يمكننا القول: أنّ الوعي بالنسبة للمسلم هو نور البصيرة الذي يجمع بين العقل والإيمان، بين الدنيا والآخرة، وبين العلم والعمل.













