آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 9:11 ص

خطوات نحو التوافق الزوجي

حكيمة آل نصيف

قال الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم الآية: 21].

مع تطور عجلة الزمن التي طالت كل محاور حياتنا الدينية والعقائدية والاجتماعية والثقافية، وشهدنا تحولات كثيرة بعضها كان لها الأثر الإيجابي والبعض أثرها سلبي على حياتنا، في المقابل تبقى الأسرة هي صمام الأمان لجميع أفرادها في ظل هذه التغيرات المشهودة، وهذه الأسرة لكي تكون ناجحة لا بد من أن تقوم على أسس سليمة مبتدأة بأصل الزواج، حيث يتأسّس الزواج المتوازن باختيار الشريك المناسب والصالح وهو المفتاح الأساسي لتكوين أسرة ناجحة تسعى لترسيخ مقومات الحياة السعيدة وإنتاج أفراد لديهم قابلية للصلاح، والعمل ضمن منظومة الحياة الدراسية والعملية بدون عقد نفسية من شأنها أن تسبب انتكاسات ومشاكل اجتماعية.

المجتمع يضع الكثير من الاعتبار والاهتمام بمسألة الزواج والارتباط بالبحث عن الشريك المناسب دينيا واجتماعيا لما له من دور فاعل في تحقيق التوازن والاستقرار، فمتى ما كان الزواج يقوم على المودة والرحمة والتعاون والتغاضي عن الزلات البسيطة تكوّنت بيئة صالحة لتنشئة أسرة سليمة وجيل له فاعليته في المجتمع.

العلاقة الزوجية وتأثيرها على الاستقرار النفسي والوجداني ينعكس بدوره على بناء الأسرة السعيدة، إذ يُعَدّ الزواج من أهم المؤسسات الاجتماعية التي تساهم في بناء الفرد والمجتمع ولا تقتصر وظيفته على تلبية الحاجات الجسدية والاجتماعية، بل يتجاوزها ليحقق الاطمئنان والاستقرار النفسي لكل من الزوجين فكل طرف يجد في الآخر موطن سرور وارتياح، وسندا عاطفيا يواجه به صعوبات الحياة وتحدياتها.

وقد عبّر القرآن الكريم عن هذه العلاقة بأجمل تعبير حين وصفها بأنها «سكن»، فالسكن هنا ليس مادياً فقط بل نفسياً وعاطفياً أيضا، ويتحقق هذا السكن والاطمئنان من خلال وجود عنصرين أساسيين في العلاقة الزوجية، وهما: المودة والرحمة، فالمودة تعني الحب والارتباط العاطفي العميق، بينما تشير الرحمة إلى الرفق والتعامل بلين والتغافل عن الزلات والحرص على مصلحة الطرف الآخر.

وعلى هذا الأساس من الود والتفاهم تتشكل أرضية التوافق الزواجي والذي يُعد مفتاح النجاح في الحياة الزوجية، فالتوافق لا يعني غياب الخلافات بل هو قدرة كل طرف على التكيف والتواؤم مع شخصية شريكه ومع متطلبات الحياة الزوجية المختلفة.

وإذا تصوّرنا العلاقة الزوجية من دون هذا التوافق فإنه يصعب أن تتحقّق الأهداف الكبرى في بناء أسرة مستقرة تساهم في تنشئة جيل سوي ومجتمع متماسك، لذا فإن تحقيق التفاهم والمودة والرحمة بين الزوجين يجب أن يكون هدفًا دائما يتحرّك الزوجان من أجل تحقيقه وتنميته وتقويته.