آخر تحديث: 6 / 12 / 2025م - 12:19 ص

الشيخ البن سعد يطرح نظرية ”البداية الأصعب“ كحل لمشاكل الشباب

جهات الإخبارية حسين الدليم - الأحساء

أكد الشيخ عبدالجليل البن سعد أن القدرة على مقاومة الظروف الصعبة والثبات في وجه تقلبات الحياة تنطلق من قاعدة عملية واحدة، تتمثل في مبدأ ”ابدأ بالأصعب، يكن ما بعده أيسر“.

جاء ذلك في سياق خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام الحسين في بلدة الحليلة بمحافظة الأحساء، مقدمًا للحضور منهجًا متكاملًا لتحقيق الصفاء الداخلي والقوة النفسية.

وأوضح أن حياة الإنسان تشكل ساحة صراع مستمر بين النور والظلمة، مشيرًا إلى أن جوهر الإيمان الحقيقي يكمن في قدرة الفرد على تغليب نوره الداخلي على ظلام الجهل والضعف النفسي.

واستعان بتعريف شيخ الطائفة المفيد لمفهوم العصمة، الذي وصفها بأنها ”نور لا يخالطه ظلام“، ليبين أن المؤمن ”النوراني“ هو من يصقل إرادته عبر تربية قلبه على النقاء، مما يمنحه ثباتًا لا تهزه المتغيرات.

وبيّن الشيخ البن سعد أن هذه التربية النفسية لا تقتصر على كونها شعارًا روحيًا، بل هي منهج عملي يمكن تطبيقه في مختلف جوانب الحياة.

فعلى الصعيد الاقتصادي، دعا الإنسان إلى أن يكون مالكًا للمال لا مملوكًا له، ويتحقق ذلك بالبدء بالخطوة الأصعب وهي ”العطاء والإنفاق“، فمن يتجاوز شح النفس يصبح أكثر تحررًا من عبودية المادة، وتستوي عنده حالات الغنى والفقر.

وفي المجال العلمي، شدد على أن البداية الأصعب والأكثر فائدة تكون من القرآن الكريم، معتبرًا إياه مفتاحًا لكل علم نافع.

وأشار إلى أن من تتيسر له أبواب فهم القرآن، تسهل عليه بقية العلوم والمعارف، مستشهدًا بمسيرة كبار العلماء، كالسيد الخوئي والسيد السبزواري، الذين جعلوا من النور القرآني منطلقًا لفتوحاتهم في مجالات الفقه والفلسفة.

وتمتد هذه القاعدة لتشمل حتى المهارات الفنية، حيث ضرب مثالًا بالخطاط الذي يبدأ بتعلم ”خط الثلث“، وهو من أصعب الخطوط العربية، فإن إتقانه يجعل تعلم بقية الخطوط أكثر سهولة ويسرًا.

وأوضح أن مسيرة التربية الروحية والأخلاقية تمر بثلاثة مسارات متكاملة تشمل الالتزام بالواجبات وترك المحرمات، ثم الإقبال على المستحبات، وأخيرًا الارتقاء في الأخلاقيات والمعاملات الاجتماعية، مؤكدًا أن القاعدة الذهبية صالحة للتطبيق في كل هذه المسارات.

وتناول أمثلة للمحرمات التي قد يستهين بها البعض رغم أثرها العميق، مثل ”الغيبة“ التي تطفئ نور القلب، و”خيانة البصر“ التي تضعف صفاء الروح، مؤكدًا أن من يبدأ بالأصعب فيضبط لسانه ونظره، يكون قد كسر أشد القيود التي تكبل نفسه.

وفي جانب المستحبات، اعتبر ”صلاة الليل“ الميدان الحقيقي لاختبار الإخلاص وكسر حاجز الكسل، فمن يعتد على هذه العبادة في جوف الليل، تهون عليه بقية الأعمال الصالحة.

واختتم خطبته بالبعد الاجتماعي، حيث رأى أن التغلب على مشاعر النفور أو ”السخيمة القلبية“ تجاه الآخرين، يبدأ بالخطوة الأصعب وهي العفو عمن أساء، فهذا الفعل يطهر القلب ويحول مشاعر الألم إلى مصدر قوة ونور.

وشدد الشيخ البن سعد على أن هذا الصفاء الداخلي لا يأتي بالتمني، بل هو ثمرة مجاهدة النفس ومواجهة تحدياتها بصبر وعزيمة.